محمد البرادعي مرة اخرى
بقلم :منير شفيق
يفترض بنا ان نفتخر بشخصية عربية تصل الى
أعلى المراتب في منظمة دولية هي الوكالة الدولية للطاقة النووية فيصبح مديرها
العام ثم يجدد له نظراً لاهليته للمنصب.
وكان يفترض ايضاً بأن نفخر باختيار هذه الشخصية العربية المسلمة لجائزة
نوبل للسلام وتسلمه لها في كانون الثاني/ يناير من عام 2005 اي
قبل اسبوع.
لكن هذا الافتراض في
غير مكانه لأنه بني على نظرة سطحية بعيدة من المحتوى والسياسة فكون الانسان عربياً مسلماً، او عربياً
مسيحياً، لا يكفي ان نسر له او
نفخر به حين يرتقي أعلى المناصب في المنظمات الدولية. لأن من المهم ان نعرف لماذا اختير؟ وما المهمة التي يراد له ان يقوم بها؟او
كما يقول الناس اختصاراً ما الثمن؟
لا يصدقن احد ان الدول الكبرى، وعلى التحديد الولايات المتحدة الامريكية تعطي صوتها الذي له حق النقض / الفيتو لاية شخصية عربية او غير عربية
بسبب كفاءته او علمه او
تفوقه في الادارة والخبرة والمعرفة على غيره، فهذا من «الشعر»
الذي يباع عند الحديث عن «الحكم الرشيد» او «الصالح» لكن
ليس في السياسة وعند الاختيار ان اول
الشروط، بعد توافر الحد الأدنى من الكفاءة التي يمتلك مثلها الالاف،
هو الولاء السياسي المطلوب للمدير ان يتحلى به في تنفيذ
مهمته. فمدير «الوكالة الدولية للطاقة» عليه ان يقوم،
في هذه المرحلة، بمهمتين، الاولى ان
يغض الطرف عن امتلاك الدولة العبرية للاسلحة النووية
والجرثومية بما في ذلك ادارة ظهرها للوكالة الدولية
للطاقة النووية واذا كان مصرياً عربياً مسلماً ويبدي «تفهمه
للموقف الاسرائيلي» كما فعل البرادعي
في زيارته للدولة العبرية فهذه الكفاءة هي الافضل
بالتأكيد.
والمهمة الثانية بعد
الدور المائع الذي قام به في اثناء تحضير الهجوم الامريكي على العراق بحجة امتلاكه اسلحة
دمار شامل، وهو يعلم انه لا يمتلك منها شيئاً، يراد منه الآن شن حملة شعواء على ايران بسبب برنامجها
النووي للاغراض السلمية حتى لو كانت متقيدة بشروط
الوكالة الدولية للطاقة النووية اكثر من أية دولة من اعضائها.
وهذا ما فعله محمد البرادعي وهو متوجه لتسلم جائزة نوبل حين حذر ايران وبلغة تهديدية من رفضها
التخلي عن برنامجها النووي اي عن حقها، وهو حق لكل اعضاء الوكالة الدولية للطاقة، في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية وتحت رقابة الوكالة.
شارون في اليوم
السابق فقط لتسلم البرادعي الجائزة هدد ايران باستخدام القوة العسكرية، وجون بولتون
ممثل الادارة الامريكية، في
هيئة الأمم المتحدة فعل الشيء نفسه. ثم جاء البرادعي
ليدفع ثمن التجديد له وثمن جائزة نوبل ليدعم الموقف الاسرائيلي
الامريكي وبحماسة ضد البرنامج النووي الايراني مما يجعلنا نخزى لا نفخر للاسف
الشديد.