يا أهل الحوار ..
دقيقة سكوت لله
بقلم :د0 مجدي قرقر
qorqor52@yahoo.com
" لا تحسبوه شرا
لكم بل هو خير لكم " .. نعم فلقد انقلب السحر على
الساحر .. أرادوا الإساءة إلى رسول الإنسانية – خاتم الأنبياء والمرسلين خير الأنام – فإذا بالله كافيه المستهزئين .. وإذا
بالله عاصمه من الناس .. وإذا
بالله ناصره نصرا عزيزا .. نعم فلقد انقلب السحر على
الساحر .. أمة الإسلام تستيقظ بعض طول سبات .. رسوم كاريكاتورية حقيرة وغزو فكري
غربي يواجه بعقيدة إسلامية محصنة .. للرسول رب يحميه
وللإسلام أمة تزود عنه .. القرآن الكريم وترجمات تفاسيره يتزايد بيعه في الغرب
تمهيدا لدخول المزيد في دين الإسلام أفواجا .. " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير
لكم " .. مجلس حلف الأطلنطي يجتمع ليناقش رد الفعل
الإسلامي على الرسوم الكاريكاتورية التافهة .. برلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي – أعدى أعداء الإسلام – يطالب
أحد وزراءه بالاستقالة لارتدائه قميصا عليه رسوم مسيئة
لرسول الإسلام والإنسانية – ليس حبا في الإسلام أو رسوله بل خوفا من رد فعل حماة
الإسلام من المسلمين – ويطرد الوزير من مجلس الوزراء الإيطالي شر طرده غير مأسوفا
عليه ..الرئيس الأمريكي الذي طالما أهان شعوب المسلمين وقادتها يستقبل
بالاستقبالات اللائقة بجبان مثله فيزور أفغانستان سرا .. ويدخل المجال الجوي
الهندي بعد أن أخلوه له كما أخلو الفندق الذي نزل به حرصا على
حياته .. التظاهرات تستقبله في الهند ويحتمي منها بخمسة آلاف من جنود الشرطة والأمن .. ويسبقه تنديد في باكستان لم يندد بأحد مثله من قبل
وربما من بعد .
في هذا الوقت الذي
بدأت غضبة المسلمين تؤتي ثمارها وقبل أن تنضج هذه الثمار .. في هذا الوقت وقبل أن
تؤتي الاحتجاجات والمظاهرات والمطالبات والمقاطعات أكلها وإنها لدانية القطوف - كما
يقول الأستاذ الدكتور يحيى هاشم فرغل على صفحات الشعب الإلكترونية - يعلن الداعية
المصري عمرو خالد عن مبادرة تهدف للانتقال من مرحلة مقاطعة الدانمرك للحوار مع
شبابها ومثقفيها لتوضيح حقيقة الإسلام للمجتمعات الغربية، وأشار عمرو خالد إلى
عزمه تشكيل وفد من الدعاة بالإضافة إلى عدد من الشباب المسلم الذين سيتم اختيارهم
من خلال مسابقة لإجراء حوار على مرأى ومسمع من العالم مع شباب ومثقفي الدانمرك .. وجاء
في كلمته في المؤتمر الذي عقد لهذا الغرض ما يفيد ضرورة الكف عن المقاطعة لأنها
بمثابة آلة تنبيه لا يصح أن يستمر الضغط
عليها بعد أن أدت دورها .. دعوة لا نبالغ في وصفها من
حيث التوقيت ومن حيث الأداة – كما يقول الدكتور يحيى هاشم - بأنها طوق نجاة لمن
ارتكبوا جريمة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ومن ثم المسيئة
للإسلام والمسلمين
جلست لتفنيد هذه الدعوة فإذا بمقال
الأستاذ الدكتور يحيى هاشم وإذا برد الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي
والأستاذ الدكتور محمد سليم العوا قد كفاني وإذا بمقال
سابق لي سطرته عام 2002 فيه الكفاية ردا على دعاة الحوار في مواجهة من يسوموننا
سوء العذاب
*****
يا أهل الحوار .. دقيقة سكوت لله
القاهرة مدينة الألف
مئذنة أضحت مدينة الألف منتدى .. تتعدد المنتديات واللقاءات والمؤتمرات والصالونات
.. نسمع ضجيجا ولا نرى طحنا !!! .. ومنذ أن طرح صمويل هانتينجتون – رجل الأمن القومي الأمريكي – أطروحته عن صدام
الحضارات في منتصف التسعينات والقاهرة لم تتوقف القاهرة عن الطحن والرغي والكلام والطرح .. طرح الحوار بديلا عن الصدام .. ويمر
العام تلو العام والغرب يصارع الإسلام .. ومسلمو القاهرة والعالم العربي يطلبون
الحوار .. أمريكا تضرب ونحن نتسول الحوار!!!
.. هل هناك صورة كاريكاتورية أبشع من هذه الصورة .. فتوة
يصفع رجلا متقزم على وجهه أو قفاه والرجل المتقزم يسجد رافعا يده متسولا الحوار من الفتوة .. وبالمناسبة
فإن الرجل المتقزم ليس قزما بطبيعـته ولكنه يقزم نفسه لعدم ثقته في نفسه ووطنه ودينه وحضارته .. وعندما
يأتي رجل من بني جلدتنا وديننا ليرد للفتوة صفعة من الصفعات نقوم عليه ونهاجمه
لأنه تعجل في ضرب الفتوة وأفسد علينا تسولات الحوار
ونتهمه بعدم الرشد وعدم القدرة على حساب وتوقع ردود الأفعال .. ولكي نصلح ما أفسده
بن لادن نسارع بعقد المؤتمرات والندوات لنقسم فيها للسيد الغربي بأننا لا نملك غير
الحوار حتى وإن ضربنا وسرقنا ونهبنا وردنا إلى عصر ما قبل البخار .
إن ما يطرحه البعض من
أن الإسلام مع الحوار في مواجهة الصدام ليس هو المناسب الآن لحالتنا العربية
والإسلامية في ظل الحرب المعلنة التي يشنها الغرب بشكل عام والحلف الصهيوني
الأمريكي بشكل خاص .. ولكن يبدو أن التبعية للغرب طالت الجميع حتى علماء الإسلام
المنادين بالحوار .. مجرد موضة أو بدعة .. أصبح الغرب
يضع لنا جدول أعمالنا "أجندة" في كافة المجالات .. الغرب يطرح العولمة ..
نناقش العولمة .. يطرح ما بعد الحداثة فلنكن مسايرين للموضة ونتحدث عن الحداثة .. يطرح
صدام الحضارات نطرح في المقابل الحوار .. أصبحنا مجرد رد
فعل للغرب .. ثم إذا كان لابد أن يكون هناك بد فلماذا نخجل من ديننا ونرش عليه سكر
حتى نبلعه للغرب وكأننا أحرص على دين الله من الله – حاش لله – مجموعة تنقب في
التراث الإسلامي ومجموعة أخرى خلفها تحمل برطمانات السكر لترشه على الإسلام ولا
مانع من مجموعة ثالثة تحمل المياه لتبلع الإسلام أبو سكر للغرب حتى لا يموت فيها
وهو يتجرع الإسلام .. الله الغني ياسيدي إنت وهوه وهوه
عنكم وعن الغرب .. فالإسلام أعز من أن نزيفه حتى نبلعه للسيد الغربي ( بكسر وتشديد
اللام ) لقد كتبنا دراسة منذ منتصف التسعينات عن التدافع
الحضاري كسنة قرآنية بديلا عن الصدام ولكن لا مجيب .. ولكن
كيف يكون هناك مجيب وهذا الطرح الإسلامي لا يلقى قبولا من السيد الغربي الممول
لندواتنا ومؤتمراتنا وبرامجنا البحثية ؟!! .. كيف يكون هناك مجيب وهذا الطرح
يتعارض مع يريده الغرب لنا من استسلام وخنوع ؟!!!
يشير هانتينجتون إلى أن الصراع السابق كان صراعا بين أطراف غربية –
أي داخل الحضارة الغربية ذاتها – واليوم وبعد انتهاء
الصراعات وسيطرة الديمقراطية على الحضارة الغربية حان وقت سيطرة هذه الحضارة على
العالم .. وستبدأ هذه الصدامات عند خطوط التماس وفي مناطق التداخل بين الحضارات
ويحدث الصدام مع تلك الحضارات ( صدام حضاري ) .. وحدد هانتينجتون
مناطق التداخل الحضاري بين الغرب والإسلام وبين الغرب والكونفوشيوسية
0
لن أضيع وقتكم برؤي بقية المفكرين التي تتفق مع رؤية هانتينجتون
في حتمية الصدام بين الغرب والإسلام .. ولن أضيع وقتكم أيضا في تصريحات الساسة
الغربيين (ريتشارد نيكسون – مارجريت تاتشر – جون ميجور –
بوش الأب – توني بلير – بوش الإبن وغيرهم وغيرهم ) .. لن أضيع وقتكم وأكتفي بالإشارة بأن هذه التصريحات تم
تنزيلها على الواقع المعاش بتكسير عظام أهلنا في فلسطين بآلة الحرب العسكرية
الأمريكية القذرة .. وفي حرب الخليج الثانية التي أرادوا بها
إعادة العراق إلى عصر ما قبل البخار .. وفي حرب الخليج
المقبلة وفي كشمير وأندونسيا وأفغانستان والسودان
والشيشان .. عايزين إيه بعـد كده يا بتوع الحوار عشان تصدقوا إن الغرب ليس لديه إلا الضرب والصدام
؟!!!
صدام الغرب ليس مجرد
أفكار ولكنه قتل وتمزيق وتفكيك للأوصال .. هل في مقابل هذا نطرح الحوار ؟!! .. وإذا
أصر الغرب على الصدام هل نصر نحن على الحوار ؟!! .. إنه في هذه الحالة موقف ساذج ..
وإذا شئنا الدقة موقف منهزم وخانع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حوار الحضارات أو
الثقافات طرف نقيض للموقف المتطرف للغرب .. ولكنه موقف استاتيكي
ساذج .. الغرب يضرب ويصطدم ونحن ثابتين وساكنين عند موقف الحوار .. ومن هنا تأتي
الرؤية الإسلامية التي تطرح التدافع الحضاري كموقف ديناميكي يبدأ بالحوار مرورا
بالجدل والمنافسة والسبق والمواجهة والمغالبة وانتهاء بالصدام .
ويتمادى البعض في
الهذيان حتى زعمت إحداهن بأن تيار الإسلام التحديثي يتبنى لرؤية الحوار بديلا عن
الصدام ثم تقترح عليه تطوير رؤيته بأن نبدأ بحوار الذات قبل أن نحاور الغرب .. ويا
سيدتي الدكتورة الفاضلة بداية الحداثة والإسلام نقيضين لأن الحداثة عند الإسلاميين
مرادف للتغريب فيكون ما تعنيه بالإسلام التحديثي مرادفا للإسلام التغريبي .. هل
رأى أحدكم مثل هذا التخريف والهذيان ؟!! .. إسلام تغريبي
.. جبة وقفطان على جسد المسلم وقبعة غربية على رأسه .. فشر
نجيب الريحاني وإسماعيل يس .. ثم هذه الدعوة بحوار الذات قبل حوار الغرب وكأن
الغرب سينتظرنا حتى ننهي حوارنا مع أنفسنا لنبدأ معه حوارنا بعد أن يكون قد أتى
على فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير والشيشان والسودان !!!!!!!
لا أجد ما أقول أفضل مما قاله بيرم
التونسي في أهل المغنى
( يا أهل المغنى .. دماغنا
وجعنا .. دقيقة سكوت لله )
ولكن يبدو للأسف أن
أهل المغنى استجابوا لبيرم وتركوا الساحة فاضية لبتوع الحوار فوجب تعديل
الزجل حتى وإن انكسر الوزن ستمائة حتة :
( يا بتوع الحوار .. كفاية حوار.. إحنا تعبنا .. دقيقة سكوت لله )