دورنا العربي والإسلامي المهم

 

 

 

بقلم :د. نورة خالد السعد

 

    لن نتحدث عن التناقض الواضح بين دعاوى الإدارة الأمريكية لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط وخنق حكومة حماس بعد وصولها إلى السلطة عبر انتخابات نزيهة اتضح فيها تعبير الفلسطينيين عن إرادتهم في اختيار حكومة تمثلهم وتحقق مطالبهم اجتماعياً وأمنياً.

لن نتحدث عن مرحلة الوهن التي تعيشها الشعوب العربية من جراء هذه الهيمنة على مقدراتها وسياساتها واغتصاب إراداتها.. ولن أطالب بتحقيق ديمقراطية هلامية تتوقف عند مشارف مداخل الملاعب الرياضية فقط!!

 

أنا هنا بصفتي مواطنة عربية مسلمة عشت سنوات عمري وشعارات تحرير فلسطين هي ما نرى وأناشيد أخوة اللغة والدم وبالطبع العقيدة هي التي نرسمها في دفاترنا ونرددها معاً في احتفالات مدارسنا..

 

وعندما بدأت بوادر الأمل عند فوز حماس عبر آلية (الديمقراطية) تفاءلنا وإن كنا ندرك في العمق أن دولة العدو الصهيوني مدعومة باليمين المتطرف في البيت الأبيض ستقف مانعاً وسداً خرسانياً أمام اتمام الدور المنوط بهذه الحكومة الشريفة التي أحيت الأمل في نفوس الشرفاء من جماعات وأفراد في عالمنا العربي والإسلامي في أن تتحرر الأرض المحتلة من دنس هؤلاء المحتلين والمغتصبين..

 

ما أن بدأت تشكل حكومتها حتى بدأت العداوات يمنة ويسرة!! وما أن تسلمت رسمياً مسؤوليتها الرسمية لبدء مشوار البناء الحقيقي لدولة فلسطين تكمل فيه ما اتفق عليه الزعماء المخلصون لتحرير فلسطين.. ولكن هل تركت أمريكا حكومة حماس تؤدي دورها؟؟ وكما قال الأستاذ رضا لاري في مقالته المنشورة في الرياض يوم الخميس في 29 ربيع الأول الماضي وفي عددها 13821: (لم تكتف أمريكا باحتضان الإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وإنما أخذت تمارس بنفسها الإرهاب ضد الفلسطينيين بفكر الديمقراطية التي تنادى بها عن طريق رفض القبول بحماس في «السلطة والحكم» على الرغم من فوزها بالانتخابات البرلمانية التي أهلتها لتشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة اسماعيل هنية وأغلقت واشنطن كل سبل المساعدة للشعب الفلسطيني وحرضت غيرها من الدول الغربية لوقف مساعدتها للشعب الفلسطيني حتى تعترف حماس بحق إسرائيل في البقاء على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في يوم 5/ يونيو/ 1967م والعمل على الصلح مع إسرائيل بالرؤى التي تفرضها تل أبيب، بدأت واشنطن تتحرك في اتجاهات متعددة صوب الفلسطينيين واستطاعت أن تفرض المواجهة بين حماس في الحكم وبين فتح خارج الحكم ولكنها تتمتع بالنفوذ من خلال محمود عباس الذي يشغل منصب رئاسة الدولة الفلسطينية، وصعدت واشنطن الصراع على السلطة بين فتح المطيعة لأمريكا وحماس العاصية لأمريكا)..

 

٭٭ إن الاعتراف الذي تطالب به أمريكا حكومة حماس هو الاعتراف بإسرائيل ليس وفق ما كانت عليه المبادرة التي تم إقرارها في قمة بيروت عام 2003م والتي تنص على انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية التي احتلتها في عام 1967م.. ولكن وفق أوامر أمريكا وهي ليس الاعتراف بإسرائيل عام 1948م ،وإنما تطالب حماس الاعتراف بإسرائيل الكبرى بعد ضم الأراضي المحتلة بالضفة الغربية منذ عام 1967م إلى مجالها الإقليمي وتتخذ من القدس الموحدة عاصمة لها، وحصر الدولة الفلسطينية في إقليم ضيق قطاع غزة وتقييدها بسيادة ناقصة على أرضها وتبعية اقتصادية بتل أبيب، لتصبح فلسطين - كما يقول الأستاذ رضا لاري عن هذا الوضع الذي شرحه في مقالته المنشورة في «الرياض» عدد 13751 في 17 محرم 1427ه لتصبح دولة فلسطين (شبح دولة تدور في فلك إسرائيل) وهذا بالطبع ترفضه حكومة حماس..

 

٭٭ ولهذا تتعرض حكومة حماس لهذه الحرب الاقتصادية والحصار الاقتصادي، وضغط دولي تسهم فيه الأمم المتحدة ويسهله استقالة جيمس وولفنستون مؤخراً من منصبه كمبعوث للجنة الرباعية احتجاجاً على قرار وقف المساعدات عن حكومة فلسطين ويحذر من انهيار للوضع الإنساني هناك إذا ما استمر الوضع هكذا..

 

٭٭ السؤال: هل نصمت أمام هذه الكارثة؟.. وأين دعمنا العملي للشعب الفلسطيني خصوصاً أن هناك حكومات عربية وإسلامية تعهدت بمساندة الحكومة الفلسطينية.. الجامعة العربية منذ يومين أطلقت نداءً إلى شركات الأدوية العربية لتقديم معونات عاجلة لسد حاجة الشعب الفلسطيني من الأدوية والمستلزمات الطبية!! بعد أن أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية نفاد الأدوية المهمة من مخزون الأدوية..

 

وحذرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من أن قطع المساعدات عن الفلسطينيين سيرفع نسبة الفقر إلى 74٪ بحلول 2008م!! وأشارت إلى أنه حتى في حالة زيادة المساعدات إلى 20٪ فإن هذا لن يغير كثيراً من شدة الأزمة!!

 

٭٭ الأخبار في القنوات الفضائية، تنقل لنا يومياً الحالة المتردية للوضع الصحي هناك.. والجميع شاهد تلك المرأة الفلسطينية المكبلة بالسلاسل أثناء إجراء عملية قيصرية لها!! وهو خبر يهدى إلى جميع الناشطات للدفاع عن حقوق المرأة!!

 

٭٭ إن صمتنا أمام ما يحدث هناك لشعب محتل من قبل دولة العدو.. ويحاصر اقتصادياً وصحياً وأمنياً لمجرد أنه اختار حكومته التي (يرفض المحتل ومظلته وجودها) صمتنا أو بطء تجاوبنا هو (وصمة) في تاريخ أيامنا.. ولابد من تيسير قنوات دقيقة لإيصال تبرعاتنا.. ولابد من حملة شعبية في كل دولة مسلمة وعربية لنصرة هذا الشعب والوقوف بقوة أمام هذه الهيمنة وهذا العدوان.

 

قال أحد الناشطين المصريين في أحد المؤتمرات مؤخراً وهو ينصح بضرورة التبرع المستمر والدائم للشعب الفلسطيني (لو أن كل واحد منا يتبرع بعشرة جنيهات شهرياً)، (عشرة جنيهات فقط) لهذا العدد من السبعين مليوناً ستشكل مساعدة تغنيهم عن مساعدات أخرى لها!!

 

ما هو مهم.. هو المبادرة بالتبرعات (وديمومتها) والتأكد من إيصالها لحكومة حماس وليس (لسواها)!! وأيضاً ليس الانتظار لما تتوقعه دولة العدو ومظلتها ومساندوها..!! وما يقومون به من عرقلة لإيصال هذه المساعدات إلى مستحقيها هناك..