رايس والحجاج !

 

 

 

بقلم :حياة الحويك

 

رغم صغر رأسها فإن أذن الوزيرة رايس بعيدة جدا عن فمها، لذا لم تسمع نفسها إطلاقا وهي تتحدث عن الظلم الذي يخلق التطرف . بقدرة قادر تفطر قلب السيدة السمراء على الشعوب العربية المقموعة من قبل أنظمتها ، وعليه فإن أفضل حل لهذه الشعوب هو أن تحتلها الولايات المتحدة ، وأن يقوم لقطاء شوارع بروكلن باعتقال الناس وتعذيبهم وإذلالهم كما لم يحصل في أسوأ أنظمة إفريقيا السوداء . وكي لا تسرق الأنظمة الشعوب فإن شركات عائلة بوش و ديك تشيني ورايس نفسها وغيرهم من صقور المحافظين الجدد تتكفل بنهب جميع الثروات وتوزيعها توزيعا عادلا على أولادهم وورثتهم .

 

أما الوقاحة التي من بها الله على وزيرة خارجية جورج بوش ، والتي تحاول توظيفها بأسوأ صورها للتستر على فشل إدارتها في العراق ، فلم تتجل في شيء بقدر تجليها في أسلوب ردها على المتظاهرين الذين وصفوها بمجرمة حرب ، وطالبوها برحيل بلادها من العراق ، حيث قالت لهم إنها غير مستاءة لأن تعبيرهم عن موقفهم إن هو إلا مسلك ديمقراطي ، وإن الديمقراطية نفسها تزدهر في كابول وبغداد كما في لندن وسيدني . لكأن لندن وسيدني محتلتان من قبل القوات الأمريكية ، ولكأن العراقيين لا يساقون إلى السجون ولا يقتلون بأكثر الوسائل وحشية لمجرد أنهم يعارضون احتلال بلادهم.

 

أخيرا تأتي الطامة الكبرى في تبرير الوزيرة الإبقاء على سجن غوانتانامو ، بالقول إن لدى المعتقلين فيه معلومات أو نوازع إرهابية . فهل حصل وعرف تاريخ القوانين في العالم مبدأ اعتقال الناس بناء على ما لديهم من نوازع ؟ فلندهب إلى قبر الحجاج بن يوسف الثقفي معتذرين له عن كوننا جعلناه رمزا للقمع في التاريخ العربي الإسلامي ، ولنعكف على ترجمة خطبته الشهيرة إلى الإنكليزية ، لعل السيدة رايس تستقي منها بعض العبارات التي تشكل قواعد الديمقراطية الأمريكية التي يراد تصديرها لنا .

 

بعيدا عن روح الكوميديا السوداء التي تلف كل هذه الملاحظات. يبقى الأهم، وهو أن هذا الخطاب الأمريكي المتعثر المشحون بالمغالطات لا يعكس إلا شيئا واحدا : فشل الاحتلال الأمريكي في العراق، فشلا يجعل الإدارة كلها تتخبط في طريقة تبريره وإخفائه.