الخلاص من حكم مبارك مسألة حياة أو
موت
مصر تتآكل و تباع أمام أعيننا .. فالى متى نرضى بهذا
الهوان
استمرار بيع القطاع العام بهذا
الأسلوب الاجرامى خيانة وطنية
مبارك يبيع شركات عريقة أسسها الملك فاروق
لماذا لم يحاكم الذين باعوا شركة
الغلايات بـ750 ألف دولار
ديون مصر تقترب بسرعة إلى تريليون
جنيه
الحكومة تتصرف كالمجنون الذى يجب فرض الحجر عليه
صدق أو لا تصدق: العاملون فى الشرطة 21% من موظفى الدولة
ابن الحاكم يدير البورصة .. هذا
وضع لا مثيل له فى أى بلد فى العالم
تقدير علمى:
اذا استمر حكم مبارك ستختفى
الأرض الزراعية
فى امكانيات
الاستثمار هذه البلاد سبقت مصر :
اليمن – لبنان – سوريا – زامبيا –
كينيا – أوغندا – غانا – موزامبيق – زيمبابوى – موريتانيا – مدغشقر – أنجولا – السنغال
و نظيف يرى أن اقتصاد مصر أقوى من
أمريكا و أوروبا و اليابان
بقلم :مجدى أحمد حسين
لا مفر من العودة مرة أخرى إلى القول بأن الخلاص من حكم مبارك هو مسألة
حياة أو موت بالنسبة لمصر: أرضا و شعبا و وطنا .. شجرا و
حجرا .. سهلا و بحرا و جبلا ، واديا أو صحراء..
ان شعار "إسقاط حكم مبارك"
ليس ترفا أو مجرد رؤية سياسية أو رغبة فى التطرف السياسى أو حبا للثورية ، أو استعجالا للنتائج كما يردد بعض
الذين لم يحسموا أمرهم .
إن مصر تتآكل أمام أعيننا ، و تتحلل مقوماتها ، و
نحن شهود .
أتوقف اليوم عند المحور الاقتصادى ..
فقد قام نظام مبارك من الناحية الاقتصادية ، على أساس استغلال الوضع الجغرافى و السياسى و الاستراتيجى لمصر ، و قام بتسويق مكانة مصر بجلب الموارد
المالية ، باع سيادة مصر و دورها و حقها فى العيش
الكريم و مواكبة نهضة التقدم العالمى ، باع أرضها و
سماءها و مياهها على خلاف النشيد الوطنى الذى حفظناه صغارا "دع سمائى فسمائى محرقة ، دع مياهى فمياهى مغرقة ، و أحذر الأرض فأرضى صاعقة" ، اكتشفت
عبقرية الحكم ان كل هذه المقومات قابلة للبيع ، و يحصل
الحكام على نصيب الأسد بينما يلقى بالفتات للشعب .
على مدار ربع قرن تصرف الحكم كما يتصرف الوريث السفيه الذى
يرث الملايين عن والده ، فيبدد ثروة أبيه على موائد الميسر و فى
شتى صنوف الترف و الاستهلاك ، حتى يفلس تماما. مع الفارق أن المفلس فى حالتنا هو الشعب المصرى لا
الحاكم. و الحاكم يفلس أخلاقيا و وطنيا و دينيا فحسب !!!
فى بداية عهد مبارك تجمعت لدى البلاد
من مصادر مختلفة ثروة مالية لو تم توظيفها بشكل صحيح لكانت الدفعة الأولى للنهضة
الاقتصادية. و لكن لم يتم توظيف هذه الثروة فى شرايين
قطاعات الانتاج بل تم تبديدها بين الاستهلاك السفيه و
السرقة . فى بداية الثمانينات تجمعت لدى البلاد عشرات
المليارات من الدولارات من مصادر شتى: تحويلات العاملين فى
الخراج – صادرات البترول – قناة السويس – مساعدات و قروض – سياحة و لكنها ذهبت
هباء منثورا .
كان هناك اصرار عنيد على عدم ضخ هذه الثروة فى القطاعات الانتاجية التى هى وحدها القادرة على تنمية
الثروة ، و تنمية البلاد. و ظل النظام مصرا على الاكتفاء بهذه المصادر غير الانتاجية حتى تعرضت للنضوب التدريجى
، و كنا نصرخ و نقول ان هذه الموارد غير مضمونة و غير
مستقرة و لا تقام نهضة اقتصادية على أساسها . و إن الصناعة و الزراعة هما عماد اقتصادات الأمم و لكننا كنا نصرخ فى
واد. حتى تسابقت الأمم و سبقتنا و تركتنا فى ذيل
القائمة بكل معايير التقدم الاقتصادى و التنمية
البشرية.
و لكن الأمر تدهور نحو الأسوأ و المخيف ، فلما نضبت موارد الدولة كما يحدث فى تجارب الأنظمة غير الرشيدة ، تحول النظام الى وحش كاسر يعظم و يكثف كافة وسائل الجباية ، لامتصاص ما
تبقى من دماء الشعب. فحتى بعدما تخلت الدولة عن دورها الاقتصادى
و الاجتماعى كموجه و كمشارك و كمراقب و كحام للنشاط الاقتصادى و الاجتماعى ، فانها ظلت تعانى من نقص الحد الأدنى من الموارد ، فأعملت
سوطها تلهب به ظهر المصريين بسلسلة من اجراءات الجباية
.. بدأت بسياسة طبع النقود التى أدت الى ارتفاع التضخم بنسبة 20% - ضريبة المبيعات – الضريبة على
المصريين فى الخاج (التى حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها ) – قرار التوريد
الاجبارى للعملة الصعبة من قبل المصدرين (حكم القضاء
ببطلان ذلك القرار) – محاولة الهيمنة على المشروعات الصغيرة غير المسجلة. و فى نفس الوقت واصلت سياسة الاقتراض و مد اليد للعالم الخارجى بشروط سياسية مجحفة .
و يفتخر النظام انه باع كرامة مصر و استقلالها و ارتباطها بأمتها العربية ،
بالقتال مع الأمريكيين ضد العراق (فيما عرف بحرب تحرير الكويت) لاسقاط نصف ديون مصر التى بلغت 50 مليار
دولار . و مع ذلك فان الديون الخارجية الآن لا تقل عن 33 مليار دولار .
و رغم كل ذلك انتقل النظام من افلاس الى افلاس لأنه ظل يستبعد القيام
بجهود حقيقية لتنمية القطاعات الانتاجية .
و لكن الأمر انتقل فى الأعوام الأخيرة ثم فى الشهور الأخيرة إلى حالة هسيتيرية
تستهدف تدمير كل ما تبقى من رأس مال وطنى مصرى!
و نعود مرة أخرى الى قصة الوريث السفيه الذى ورث الملايين ، فهو بعد تبديد الأموال السائلة يتحول الى العقارات و المصانع لبيعها ، و هذا السفيه مأساة انسانية فردية ربما تشفق عليه. أما فى
حالتنا فنحن أمام نظام غير شرعى يستولى على مقاليد
الحكم و ثروات البلاد و يبددها كما يشاء. حتى لقد سألنى
أحد الصحفيين: ما رأيك هل يبيع الحكام البلاد لأنهم يشعرون بدنو أجلهم فى الحكم و احتمال هروبهم الى
الخارج حيث أموالهم المودعة فى البنوك؟! نحن أمام حالة هيستيرية بالفعل ، و هى حالة على
المستوى العائلى تؤدى إلى ضرورة الحجر على رب الأسرة و ايداعه فى مستشفى للأمراض العقلية
، و منعه من التصرف المالى رغم انه مالك المال الحقيقى ، أما فى حالتنا فان
الحكام يبيعون ما لا يملكون الى من لا يستحق .
و انقلبت حالة الهوس الى رهن قناة السويس (كما
ذكرت نيوزويك و لم يكذبها أحد) و بيع رأس مال مصر الأساسى
المتمثل فى القلعة الصناعية بأبخس
الأثمان ، فى عملية تبديد مخيفة ، حتى إننا لو وضعنا
يهوديا صهيونيا حاقدا على الأمة حاكما على بلادنا فانه لن يفعل أكثر من ذلك !!
أعلنت الحكومة بنفسها إن أقل تقدير لقيمة القطاع العام هو 500 مليار جنيه ،
و هناك من يرفع هذا التقدير الى 700 مليار جنيه .
و مع ذلك تم بيع 194 شركة بحوالى 17مليار جنيه فى عهد عاطف عبيد و فى العام الأول
لحكومة نظيف تم بيع عدد آخر من الشركات بنحو 8،5مليار جنيه . المجموع حوالى 25 مليار جنيه ، أى أننا بعنا
نصف القطاع العام بحوالى 25 مليار جنيه أى بعشر القيمة الحقيقية له و التى
أعلنت عنها الحكومة على لسان يوسف بطرس غالى .
و هذا البيع الهستيرى يتم فى
اتجاهات بالغة الخطر .. (1) فهو بخس الثمن. (2)يركز على الشركات الرابحة. (3)يركز
على الشركات الاستراتيجية كالمراجل البخارية. (4)يركز على البيع للأجانب. (5)يتم انفاق حصيلته
المتواضعة فى الانفاق العام
! أى أننا لسنا أمام حالة فوضوية بل أمام خطة جهنمية تدميرية وضعها الأجانب و ينفذها حكام لا يمتون لتراب الوطن
بصلة .
فقد كانت هناك خطة منظمة لتجفيف المنابع ، بوقف التسهيلات الائتمانية لاعسار شركات القطاع العام ، حتى يسهل العويل و النواح على
فشله ، ( فى عام 2003 حصل القطاع الخاص على 76% من
الائتمان المصرفى بينما حصل القطاع العام على 12% و
القطاع العائلى على 12% ) و وضع شركاته فى ظروف تنافسية غير عادلة مع القطاعين الأجنبى
و الخاص ، عدم القيام بأى جهود حقيقية لاصلاحه من الداخل ، وقف التعيين فيه منذ حوالى
عقدين من الزمان .
لاشك أننا امام ضغوط صندوق النقد الدولى و الولايات المتحدة ، و لكنه عذر أقبح من ذنب ، فما هى الضغوط التى تبرر التخلى عن الوطن و الشرف و العرض ؟! و لكننا أمام حكام خلعوا
برقع الحياء ، و يعملون بشعار "ان انهدم بيت أبوك خد منه قالب" ، انهم يهدمون بيت أبونا و
يأخذون القالب ، و القالب هنا مليارات السمسرة ، التى
توضع فى بنوك سويسرا.
نحن أمام تعانق التبعية مع الفساد فى أرذل صورها.
فهناك دول تابعة لم يستول عليها الفساد الداخلى بهذا
الحجم و هناك دول تابعة تمكنت من تحقيق قدر هائل من التنمية الاقتصادية (بعض
النمور الآسيوية) ثم تحولت من جراء ذلك إلى قدر معقول من الاستقلال .
و هناك دول (ككوريا الجنوبية) أصدرت عفوا عن الفاسدين بشرط توظيف أموالهم
المسروقة فى أنشطة اقتصادية انتاجية
جادة. و هناك حاكم مستبد فاسد (سوهارتو حاكم اندونيسيا السابق) كان ابنه يستغل
نفوذ أبوه فى أنشطة اقتصادية صناعية ، و ليس مجرد نهب
أموال المصريين عن طريق البورصة أو عن طريق الهيمنة على قنوات الاستيراد أو التحكم
فى أموال رجال الأعمال العاملين فى
أنشطة طفيلية أو حتى غير مشروعة .
ان فضيحة بيع "عمر أفندى" التى وصل فيها التلاعب
الى 600 مليون جنيه ليست إلا آخر مثال ، و لكن ماذا عن
بيع نصيب بنك الأسكندرية فى
البنك العربى الأمريكى
بخسائر 500 مليون جنيه ، و ماذا عن بيع الميريديان؟ و
ماذا عن ؟ و ماذا عن ؟!!
الآن يتفاوضون مع جهات يهودية لبيع معامل تكرير
البترول . و تم بيع قطاع الأسمنت الناجح بنسبة 90% ، و هو قطاع استراتيجى يتصل بقطاع البناء والتشييد ، و الآن تتضاعف أسعار
الأسمنت بعد هيمنة الشركات الأجنبية على السوق ، بما يفاقم أزمة الاسكان .
و الهجوم على كل الجبهات لتقويض ما تبقى من أهم القلاع الصناعية ذات الطابع
الاستراتيجي .. و يأتى قطاع الدواء فى
المقدمة و يمتلك الأجانب الآن 15% من مصانع الأدوية المصرية البالغ عددها 62 مصنعا
، و آخر أهم الشركات التى اشتراها الأجانب شركة آمون التى تنتج بمفردها 9% من اجمالى
حجم انتاج الدواء ، و الآن يجرى الاعداد
لبيع 6 شركات على رأسها شركة سيد و من بين المتقدمين مستثمرون اسرائيليون
(جون شحنان – حميب فوريا – حموراى بنانى – بانى حمان – آرييل
شان ) .
والطريف أن شركة سيد العريقة تم تأسيسها بمرسوم ملكى
فى عهد الملك فاروق عام 1947 ، و هى
تغطى الآن 23% من السوق الدوائى المصرى
، و حققت فى 30/6/2005 ربحا يصل الى
31 مليون جنيه ، وهى تباع الآن فى عهد مبارك بأقل من
سعرها الحقيقى .
و تتوالى أنباء بيع القطاع العام كأنباء الجرائم ، و لكنها جرائم ترتكب فى الطريق العام أمام أعين الشرطة التى
لا تحرك ساكنا ، و هو موقف شبيه بموقف الشرطة خلال الانتخابات حيث كانت تشرف على
عملية صرف رشاوى بيع الأصوات على أبواب اللجان ، أو بموقف شرطى
يتابع باهتمام عملية اغتصاب أحد المارة لفتاة فى ميدان
عام فى وضح النهار .
فهذا بلاغ من العاملين بشركة النصر للالكترونيات عن الاتجاه لبيع شركتهم
بـ80 مليون جنيه رغم أن قيمة أرض الشركة وحدها ربع مليار جنيه .
و هذه نماذج مما حدث بالفعل و نشر عشرات المرات و كأننا نتحدث عن جرائم
ترتكب فى المريخ !
- تم بيع شركة النصر للغلايات بـ750 ألف دولار رغم
أن الأرض وحدها بـ115 مليون دولار!!
- تم بيع شركة بيبسى كولا العالمية بـ157 مليون جنيه ، أما المشترى فقد باع 77%
منها بـ400 مليون دولار!!
- تم بيع فندق الميريديان
بـ75 مليون دولار بينما سعر الأرض وحدها 185 مليون دولار. و كذلك الأمر فيما يتعلق
بفندق آمون بأسوان . و الأمثلة كثير و مفجعة .
و هذه ليست خصخصة بل خيانة وطنية . فبشكل عام فان كل المجتمعات تحتاج
للقطاعين العام و الخاص بنسب متفاوتة وفقا لظروف و مدى تطور كل مجتمع ، و ان النظام السياسى الرشيد هو الذى يسعى لسياسة متوازنة لتحقيق الأنسب لمصالح البلاد .
و قد كانت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة من أبرز الأسماء التى ارتبطت بسياسات الخصخصة المعاصرة ، و مع ذلك ففى عهدها فقد كانت هناك سياسة بعدم خصخصة بعض القطاعات
الاستراتيجية و على رأسها البترول .
و الحقيقة فاننا فى
مصر لسنا إزاء سياسة يمينية متطرفة فى المجال الاقتصادى ترفع شعار "حرية السوق" و لكننا إزاء
سياسة تستهدف ارضاء الأمريكان ، بتحويل مصر الى ساحة فضاء يعيش فيها مستهلكون لبضائع مستوردة من الخارج
أو منتجة على أرض الوطن و مملوكة للأجانب ، و هى سياسة
إضعاف مصر ، و هى سياسة أمريكية مقصودة لأن مصر القوية هى البلد المؤهل لتوحيد قوة العرب و اقامة
دولة عظمى اقليمية عربية قادرة على طرد النفوذ الأمريكى – الصهيونى من الأرض
العربية. و لكننا أيضا إزاء سياسة لصوصية لعصابة من المفسدين تتربح بصورة شخصية من
هذا المشروع الأمريكى التدميرى
، و تحصل على رضاء أمريكا للاستمرار فى الحكم .
فى افلام
الرعب الأمريكية نرى أحيانا كائنا ديناصوريا رهيبا
يهاجم إحدى المدن و يأكل كل شئ: البشر – المبانى –
السيارات – المصانع .. الخ ، و قد تحول نظامنا السياسى الى نوع من هذه الأنواع الخرافية ، فبعد تدمير الأصول الرأسمالية
للقطاع العام حيث لم يدر البيع دخلا يذكر الى للخزانة العامة
، بل تم تبديد هذا الدخل اليسير فى الانفاق
الجارى (كما قال أحد الاقتصاديين: بعنا القطاع العام ،
و أشترينا بفلوسه شاى و سكر)
.
و كما يحدث فى عصور الانحطاط فان خزائن النظام
خاوية فتحولت الأيدى الآثمة للاستيلاء على أموال
المعاشات ، فقد وصل الدين الداخلى الى
أرقام فلكية: 646 مليار جنيه و باضافة الدين الخارجى يرتفع الرقم الى 836 مليار
دولار أى أننا نقترب بثبات الى
التريليون !
و قد وصل الدين الداخلى الى
ما يمثل 85% من الناتج المحلى الاجمالى عام 2004 و
ارتفعت النسبة الى 94،8% عام 2005 .
المصدر الأكبر من هذا الدين المحلى يعود الى
الاقتراض من بنك الاستثمار القومى حيث أنه يستأثر وحده
بأكثر من نصف ديون الدولة ، و هذا البنك تأسس خصيصا عام 1980 لتمويل استثمارات
الدولة !! و هذا البنك يعتمد بنسبة الثلثين على صناديق التأمين و المعاشات ، و فى التسعينيات أدى اقتراض الحكومة من أموال المعاشات الى اصابة صناديق المعاشات بعجز
متزايد و أصبح على الموازنة العامة للدولة أن تغطيه فى
شكل تحويلات للصناديق (سامر سليمان – النظام القوى و الدولة الضعيفة). أى ان التدفقات التى تدخل فى الصناديق من مساهمات
العاملين تقل عن تلك التدفقات التى تخرج منها لاصحاب المعاشات .
و وصلت الأزمة الى
حد أن الحكومة أعلنت أنها ستبادل شريحة أولى من ديونها ازاء
الصناديق (حوالى 70 مليار جنيه) مقابل بعض الأسهم فى الشركات العامة تصبح مملوكة للصناديق.
و هكذا اشترت الصناديق أسهما بقية
مليار جنيه و نصف مليار. و لكن بانهيار البورصة فيما بعد حققت الصناديق خسائر
كبيرة . كما أن وزارة الشئون الاجتماعية ليست جهة صالحة لادارة
الاستثمار فى البورصة!
و هكذا فاذا استمر هذا النظام فسيأتى يوم قريب لا تجد الدولة ما تدفعه للمعاشات ، إلا إذا
عادت لكارثة طبع البنكنوت ، و هو ما يؤدى إلى انهيار اقتصادى
، و تضخم متصاعد .
و لأن حكومتنا حكومة السلف و الدين و ليس الانتاج
فقد انتقلت الى حيلة اصدار
سندات و أذون الخزانة و هذه حيلة جديدة للاستيلاء على أموال المودعين فى البنوك ، لأن معظم هذه السندات و الأذون تشتريها بنوك
الدولة ! أى أننا أمام نظام اقتصادى
قائم على نهب أموال الشعب تارة عبر صناديق المعاشات و تارة أخرى عبر ودائع البنوك
بهذه السندات ، و اذا أخذ الأمر صورة اقتراض إلا أن
الدولة فى النهاية ستعجز عن رد هذه القروض طالما ان الشلل و التدهور مستمرين فى
مختلف القطاعات الانتاجية. فالانتاج
(العمل) هو الذى يولد الثروة ، و ليس تلك الحيل النقدية
، فالفلوس لا تنتج فلوسا إلا عبر عملية انتاجية .
أحيانا عندما تتعرض سفينة لأنواء بحرى فانها تلقى بعض ما تحمله من حمولات لتخفيف الوزن ، و سفينة
النظام تلقى عن كاهلها حمولات أساسية حتى لا تغرق السفينة ، و لكنها فى الحقيقة تؤجل موعد الغرق فحسب ، فطوال الأعوام الماضية فان
النظام بالاضافة لحيل الجباية يتخلص من أعباء الدعم ، و
الدعم سياسة اجتماعية مستقرة فى شتى الأنظمة الرشيدة
بما فى ذلك النظم الرأسمالية على خلاف ما تدعى وصفات
صندوق النقد الموجهة لبلادنا و بلاد عالم الجنوب عموما. فأمريكا و بلاد أوروبا
تدعم المزارعين بعشرات المليارات من الدولارات سنويا للحفاظ على القدرة التنافسية
للسلع الزراعية فى السوق العالمى
.
و قد بدأ تخفف الدولة من الدعم فى الثمانينات فى العديد من المجالات فانخفض الدعم للسلع التموينية من 2190
مليون الى 869مليون و السلع الزراعية من 228 مليون الى 134 مليون و النسيج من 127 مليون الى
54 مليون و الهيئة العامة للبترول من 56 مليون الى 30
مليون ، و المنتجات الصناعية من 114 مليون الى 79 مليون
.
و انخفضت نسبة الدعم من الانفاق العام من 30% الى 8،8% .
و فى التسعينيات تواصلت هذه السياسة حتى وصلنا الى رفع الدعم بصورة كبيرة عن الكهرباء و الماء و المواصلات و
الاتصالات .
اذن الدولة عوضا عن الاهتمام بتنمية
القطاعات الانتاجية تحاول أن تحل مشكلاتها بصورة دفترية
، باعتصار جيوب المواطنين من ناحية و التخفيف من مسئوليات الدولة من ناحية أخرى ،
و مع ذلك تظل الفجوة فى تزايد بين ما ننتج و ما نستهلك
.
و هو الأمر الظاهر فى الميزان التجارى الذى يكشف هذه الحالة
المأسوية حتى ارتفعت الواردات خلال النصف الأول من عام 2005 بنسبة 59،3% بالمقارنة
مع نفس الفترة من عام 2004 ، ارتفعت من 35،1 مليار جنيه الى
55،9 مليار . و تصل الفجوة أى العجز سنويا الى 80 مليار جنيه .
و هذه التكلفة أو المديونية لا تدفع الحكومة إلا للضغط على الطبقات الشعبية
دون الأثرياء ، و على الهيئات العامة لا القطاع الخاص ، و تكشف أرقام الضرائب ان 60،9% من اجمالى ايرادات الضرائب من النوع غير المباشر التى
يتحملها المواطن العادى فى
المحل الأول بالاضافة للهيئات العامة ، أما الضرائب
المباشرة فنجد ان أصحاب المرتبات يدفعون نفس النسبة
المحصلة من الأرباح التجارية و الصناعية: 4% لكل منهما ، رغم ان
عدد ممولى أصحاب الأعمال التجارية و الصناعية 5 مليون
رجل أعمال و تاجر ، و أيضا أصحاب المرتبات فى الحكومة حوالى 5 مليون فكيف يتساويان؟!
و يقدر تهرب الكبار من الضرائب بحوالى 20 مليار
جنيه سنويا .
"تقتير هنا و إسراف هناك" كلمة شهيرة قيلت فى
حق حكام ما قبل 1952 حيث كانوا يقترون على الشعب المصرى
هنا فى مصر ، ثم يذهبون يسرفون فى
عطلات صيفية مديدة فى أوروبا .
و ما فعله حكام ما قبل 1952 هو لعب أطفال بالنسبة لما يفعله حكام اليوم . فالأموال نجدها متوفرة عند الانفاق
فى السفاهات: مهرجانات الاعلام
و الثقافة و المؤتمرات الدولية للمرأة و مشروعات فاشلة لاقامة
دلتا مزعومة فى توشكى أضاعت
حتى الآن 11 مليار جنيه أو مشروع منطقة صناعية فى
السويس .. الخ فى المقابل نجد انهيار القطاعات الانتاجية: خسائر شركات النسيج التى
كانت درة الصناعة المصرية بلغت 17 مليار جنيه و يتعرض 124 ألف للتشرد. و هذا الحال
ينطبق على شركات النسيج العامة و الخاصة ، فليس صحيحا ان
الحكومة أهملت القطاع العام لصالح تشجيع القطاع الخاص ، فالحرب كأنها كانت معلنة و
لاتزال على القطاع الصناعى .
و لا يقتصر الأمر على النسيج. ففى مدينة 6 أكتوبر تم
تشريد 40 ألف عامل بعد اغلاق 150 مصنعا أى حوالى 50% من اجمالى مصانع المدينة. فضلا عن اغلاق
15% من مصانع العشر من رمضان و 179 خط انتاج فى برج العرب و 500 مصنع نسيج فى
شبرا الخيمة و أكثر من 500 مصنع فى مدينة المحلة الكبرى
، و حتى المصانع التى ماتزال
تعمل فهى تعمل بنصف طاقتها . (الوفد 6 أكتوبر 2005) و
يؤكد د.عبد المنعم سعودى رئيس اتحاد الصناعات سابقا اغلاق 150 مصنعا فى مدينة 6 أكتوبر
و عدد مماثل فى العشر من رمضان (صحيفة نهضة مصر) .
أما فى صحيفة الأخبار الحكومية (5-6-2005) فتؤكد
ندوة عن حالة الصناعة ان عدد المتعثرين من رجال الصناعة
قفز الى 6 آلاف متعثر .
أما ما سميت المناطق الصناعية الجديدة فى الصعيد
فيؤكد أهرام (16/7/2005) ان المنطقة الصناعية فى سوهاج خاوية على عروشها و لم يبدأ فيها مشروع صناعى واحد أما فى المناطق
الصناعية ببنى سويف فانه لا يعمل بها إلا 15 مشروعا لا
تشغل إلا 1243 عاملا !!
و لكن الأموال متوفرة لأشياء أخرى ، للأمن مثلا ، فصورة الوحش الخرافى الكاسر لايمكن أن تكون
حقيقية بدون أظافر و أنياب ، و إن من ينهب الشعب و يكمم أفواهه و يزور الانتخابات
لابد أن تكون لديه آلة قمع معتبرة لها الأولوية فى الانفاق. فقد ارتفع عدد أفراد الشرطة من 150 ألف عام 1974 الى أكثر من مليون عام 2002 و من 9% من العاملين بالدولة الى 21% فى نفس الفترة. و يبلغ عدد
قوات الأمن المركزى 450 ألف جندى.
و تشير دراسة موثقة للأستاذ عبد الخالق فاروق إلى ان الانفاق على الأمن على مدى الـ15 عاما الأخيرة قد بلغ 245
مليار جنيه و هو ما يمثل قرابة ثلث المديونية الداخلية ، و هو رقم كفيل لو تم
توظيفه فى عمل انتاجى الى نقل الوضع الاقتصادى فى البلاد من حال الى حال .
و اذا عدنا مرة أخرى لقطاع الانتاج
فان الأمر لا يقتصر على القطاع العام الصناعى فان هذا
النظام الفاسد لا يكره شيئا أكثر من العمل و الانتاج ،
و لا يشجع الا الأنشطة الطفيلية ذات الربح السريع ، بل
لقد وصل الأمر أن الحكام مباشرة هم الذين يقومون بأنفسهم بالأعمال المالية الطفيلية.
يقول جمال مبارك الذى يمارس عمليا كنائب لرئيس
الجمهورية ، و المرشح لوراثة الحكم عن أبيه فى حديث لروز اليوسف (فى الوقت الحالى .. و مع انشغالى الكبير و
تحديدا فى العامين الماضيين فاننى
أباشر عملى المهنى من خلال عضويتى فى مجلس ادارة شركة خاصة بادارة صناديق
الاستثمار المباشر و هى شركة المجموعة المالية هيرمس للاستثمار الأجنبى). و شركة هيرمس هذه تدير 30% من تعاملات البورصة لصالح العملاء !! و
المعروف ان البورصة المصرية تكاد تكون منبتة الصلة عن
الواقع الاقتصادى ، و هى
أشبه بمضاربات الميسر ، و يحقق كبار ا لمتعاملين ثروات بالمليارات لا علاقة لها بأى تطور انتاجى فى البلاد. و هى بالمناسبة تستفيد
من بيع شركات القطاع العام بأبخس الأثمان لتحقق أرباحا
كبيرة من خلال هذه الأسهم المنخفضة التى ترتفع ارتفاعا
كبيرا بعد ذلك . فهم يربحون بالسمسرة المباشرة من البيع البخس للقطاع العام ثم
يعودون ليربحوا مجددا من أسهمها الوهمية فى ضعفها فى بداية التعامل بها. و من خلال هذه المضاربات ارتفع رأس مال
شركة هيرمس من مليار واحد الى
22 مليار جنيه رغم عدم امتلاكها لأى أصول .
نقول ان الانهيار الانتاجى
لا يقتصر على الصناعة فالزراعة ليست أحسن حالا ، و عندما نتحدث عن الزراعة فهى تشمل أيضا الثروة الحيوانية و السمكية .
و فى هذا المجال قد لا نحتاج الى تفصيل كثير – و ما أكثر ما كتبنا عن الزراعة – يكفينا ما
قاله د.فاروق الباز ، عن أن معدلات تجريف الأرض الزراعية بمستواها الحالى ستؤدى إلى اختفاء الأرض الزراعية بعد 60 سنة من الآن !
و هذا هو مستقبل مصر اذا استمر حكم مبارك فى شخص مبارك أو ابنه أو أى حاكم
من بطانتهم. ألم نقل أن الاطاحة بحكم مبارك مسألة حياة
أو موت ، أو بلغة القانون: دفاع شرعى عن النفس .
فى مؤتمر الحزب الوطنى
الحاكم كانت هناك وثيقة تتحدث عن تجريف 2 مليون فدان من أصل 6 مليون فدان بالوادى و الدلتا أى ضياع ثلث
الأرض الزراعية الأصلية ، و بالتالى فان تقدير د.فاروق
الباز ليس مبالغا فيه ، بل يؤكده وزير الزراعة الحالى الذى يدعو الى البناء على الأرض
الزراعية كأمر واقع ، و هذا سيؤدى إلى اختصار مدة اختفاء الأرض الزراعية بأقل من
60 عاما .
مرة أخرى تظهر لنا صورة الوحش الخرافى الذى نراه فى أفلام الرعب
الهوليودية نحن لم نعد أمام سياسات اقتصادية نختلف معها أو نتفق معها ، نحن أمام
هذا الوحش التدميرى الذى
لابد من أسره أو قتله أو اكتشاف اختراع جديد للقضاء عليه ، كما يحدث عادة فى نهاية الفيلم ! و الا فاننا نتجه الى الهاوية .
حقا لقد تم استصلاح حوالى 2 مليون فدان اضافية خلال عهد ما بعد 1952 إلا أنها ليست أراضى بجودة أراضى
الدلتا و الوادى ، و يتعرض المزارعون فيها لمشكلات
متفاقمة. أوضاع الثروة الداجنة الحيوانية ليست أحسن حالا حتى قبل انفلونزا الطيور الواردة إلينا من أعلاف صينية و قبل الحمى
القلاعية الواردة إلينا من أثيوبيا. و أيضا الثروة السمكية ليست أفضل حالا و يكفى
أن ضعف الانتاج فيها وراء هذا الارتفاع المخيف فى أسعارها الذى يكاد يحولها إلى
أكل للمترفين ، رغم كل ما نملكه من مسطحات مائية. لقد قام نفس الوحش الخرافى بتجريف البحيرات و هى أهم
المصائد الطبيعية ، و تم تلويث النيل و البحيرات بحيث أصبح السمك مسموما ، حيث
يقول تقرير رسمى بوزارة الرى
ان نسبة الرصاص فى السمك
تزيد 6 أمثال عن المعدل المسموح به بالاضافة لتراكمات
تأثير المبيدات التى تصرف فى
النهرتزيد السموم 15 ضعفا مما يجعل أكل السمك النيلى محفوفا بالمهالك. (سكينة فؤاد – الوفد 20/3/2006) .
لقد وصلنا الى حال يصبح فيه عدم الانتاج أو قلته أفضل ، لأننا ننتج الموت البطئ
* * * * *
الانتاج .. و الانتاج الوطنى أصبح يمثل نصيبا
متقلصا دوما من حصيلة البلاد النقدية ، فحتى الصناعة التى
تسهم بـ17% من الدخل القومى ، و هى
نسبة هزيلة و لم تتبدل منذ عقدين من الزمان و الأصل ألا تقل هذه النسبة عن 40% فى أى اقتصاد نامى
بصورة حقيقية ، حتى هذه النسبة فانها ستختذل الى أقل من النصف اذا خصمنا منها منتوجات صناعية
لشركات أجنبية تعمل على أرض مصر .
أما فى الزراعة فيكفى اننا
وقد اشتهرنا بأننا بلد الفول ، فاننا نستورد 75% من
احتياجاتنا من الفول و 100% من العدس (أى أن الانتاج = صفر) لذلك ما هو وجه العجب أن نجد مصر فى ذيل القائمة فى أى تقدير دولى يرصد معدلات التنمية
الاقتصادية و البشرية .
آخر هذه التقارير كان للبنك الدولى عن التعامل التجارى للدول تحت عنوان "عقد الصفقات لعام 2006 و توفير
فرص العمل" .
و كشف التقرير ان ترتيب مصر من حيث مؤشرات سهولة
اقامة المشروعات 35 بين 45 دولة عربية و افريقية .
و فى الترتيب العام جاءت مصر رقم 141 من 155
دولة ، و سبقت مصر بلاد مثل: السعودية فى المرتبة 38 –
الكويت 47 – عُمان 51 – تونس 58 – الاردن 74 – اليمن 90
– لبنان 95 – المغرب 102 – سوريا 121 – الجزائر 128 .
و على المستوى الافريقى سبقت مصر كل من: زامبيا –
كينيا – أوغندا – غانا – نيجيريا – موزامبيق – زيمبابوى – موريتانيا – الكاميرون – مدغشقر – السنغال –
أنجولا .
و أشار التقرير الى احتلال مصر مرتبة متأخرة فى المجالات الاستثمارية المختلفة ، فاحتلت مصر المرتبة 146 فى مجال الحصول على تراخيص المشروعات و المرتبة 142 فى مجال الحصول على قروض و المرتبة 129 فى
مجال سهولة تسجيل العقارات ، و احتلت المرتبة 106 فى
مجال التعامل مع التراخيص و المشروعات التجارية و تسديد الضرائب .
و وفقا لتقرير مصرى رسمى
و هو التقرير الربع سنوى لوزارة الصناعة و التجارة
(ابريل – يوليو 2005) ، فان نصيب الصادرات من السلع الصناعية عالية التكنولوجيا من
اجمالى الصادرات الصناعية المصرية يعتبر شبه معدوم حيث
لم يتعد 0،5% لمصر مقابل 59% لماليزيا و 25% للمجر و 22% لكل من المكسيك و اسرائيل .
و الطريف بعد كل ذلك فان نظيف – رئيس الوزراء – يصر على الكذب و يقول ان معدل التنمية 6،1% معنى هذا ان
معدل التمنية فى مصر يفوق أوروبا و أمريكا و اليابان و ان مصر تحتل المركز الثالث بعد الصين و الهند!!
ألا يعلم هذا الجهبذ ان معدل النمو فى اليابان صفر% منذ عدة سنوات ، و ان
معدل النمو فى بريطانيا 0،5% و ان
معدل النمو فى اوروبا و
أمريكا يتراوح بين 1-3% .
و قد تعود حكامنا على هذا النوع من الهزل حيث يضيفون مثلا صادرات الشريك الأجنبى فى البترول الى صادراتنا الوطنية ، و يضيفون القروض و المديونيات الى معدلات النمو .
نحن أمام حالة ميئوس منها فهم لا يعترفون بما يرتكبونه فى
حق الوطن ، و لا يريدون الاصلاح ، و يكابرون و يدافعون
عن جرائمهم .
ان الحالة التى
وصلت إليها مصر التى وضعتنا خلف موزامبيق
و زامبيا و زيمبابوى لا يوجد لها ما يبررها ، بعد نهاية
حرب أكتوبر ظلوا 10 – 15 سنة يعلقون فشلهم على شماعة سنوات الحروب ، و بعد ذلك
عادوا الى تحميل الشعب المسئولية لانه
يزيد فى النسل – و يزيد فى
استهلاك الشاى و السكر و البطيخ .
و لكن الحقيقة انكم فاشلون ، و مرتهنون بالأجنبى ، و فاسدون و هذه نتيجة تفاعل هذه العوامل معا على
مدار ربع قرن .
و البديل معروف و عرفته كل الأمم بما فيها مصر قبل مجيئكم السعيد الى دست الحكم و هو توفير كل الشروط الملائمة لازدهار
القطاعات الانتاجية ، من خلال التشريعات و السياسات
المحفزة للانتاج فى شتى
المجالات ، من خلال السياسات الائتمانية و الضريبية و غيرها. و الاهتمام بالعلم و
البحث العلمى الذى تحققون
فيه (الصفر الكبير) ، و من خلال الاهتمام بالتعليم . و من خلال الدور النشط للدولة
فى عملية التنمية الذى لا
يقتصر على المشاركة الفعلية من خلال القطاع العام الذى
يقوم بدور أساسى فى المجالات
الاستراتيجية و الاجتماعية ، و لكن من خلال خطط تنموية مدروسة من خلال مجالس تجمع ممثلى الدولة و قطاع الأعمال الخاص تضع أولويات التنمية. من
خلال الاستفادة من الاستثمار الأجنبى لنقل خبرته و ليس
من خلال تسليمه البلاد .
هذه ملامح كل التجارب التنموية فى البلاد التى تسمى نمور آسيوية و غيرها .
بديل الخراب الحالى معروف و مختبر و حقق انجازات
هائلة فى بلاد الصين و الهند و غيرهما ، و لكن العقدة
الرئيسية فى السلطة السياسية الفاسدة التابعة التى سارت فى طريق التبعية الى النهاية و لم يعد بامكانها
التراجع لأنها بعد أن فقدت الشعب لا تستطيع ان تفقد
الولايات المتحدة . و هى أشبه بالمجرم المحترف الذى ارتكب عشرات الجرائم و لم يعد أمامه من سبيل بعد سلسلة التورطات إلا ارتكاب المزيد من الجرائم ، حتى يقع فى يد العدالة .
لامجال أمامنا للخلاص الوطنى من هذا الكابوس ، إلا اعادة
استجماع و حشد القوى الشعبية من أجل إسقاط حكم مبارك لأن أحوالنا لا تحتمل
الانتظار حتى 2011 كما ان استمرار الأوضاع كما هى يعنى انتخابات رئاسية مزورة عام 2011 و لابد من كسر هذه
الحلقة العبثية ، و استعادة البلاد المخطوفة من خاطفيها .