أبو مصعب الزرقاوي .. رحلة الجهاد والاستشهاد
إعداد : أسامة الهتيمي
أخيرا استجاب الله له دعاءه ورغبته في أن يلقى الله شهيدا وقد سال دمه في
سبيل الدفاع عن دينه وأمته بعد رحلة طويلة من الجهاد والتنقل بين دول العالم
العربي والإسلامي يساهم في كل منها بقدر استطاعته مع أناس باعوا أنفسهم وأرواحهم
من أجل رضا الله . وكعادته كل يوم فقد اجتمع أبو مصعب الزرقاوي
مع إخوانه ومساعديه من أجل التخطيط لعمليات جديدة ضد قوات الاحتلال الأمريكي التي
ظنت أنها بذخيرتها وأسلحتها المتطورة يمكن أن تقتل روح الجهاد في قلوب المخلصين من
أبناء الأمة وليؤكدوا لكل العالم بأن الإيمان القوي قادر على صد وهزيمة أية قوة متجبرة تحاول أن تأله نفسها من دون الله .
. لكن صباح اليوم الخميس 8/6/2006 لم يكن صباحا عاديا بالنسبة لـ أبو مصعب الزرقاوي " 40 عاما " الذي كان دائم التوجه إلى
الله من أجل أن يستشهد في سبيله حيث حانت اللحظة واستطاع
الأعداء الذين ظلوا لسنوات يطاردون الزرقاوي من أن
يتعرفوا على مكانه وليطلقوا وبمنتهى القسوة صاروخا باتجاه المنزل الذي يجلس فيه
بين سبعة من أحبته في قرية هبب شمالي بعقوبة حتى يتخلصوا من ذلك الكابوس الذي أضج
مضجعهم وحرم عيونهم من النوم ظنا منهم بأن مقتله سيكون بمثابة سهم عميق الإيلام
للمقاومة العراقية . وتناسى هؤلاء أن المقاومة والإيمان بالجهاد ليس مرتبطا بفرد
أو حتى رمز مثل الزرقاوي الذي حول العراق إلى جحيم
يستعر في ناره الأمريكان بل ربما يكون في مقتله تأجيجا لنار جديدة تؤلم العدو
وتكبده الخسائر حتى يتحقق النصر بإذن الله . وقد ولد أحمد فضيل
الخلايلة والذي عرف فيما بعد باسم "أبو مصعب الزرقاوي" عام 1966في منزل متواضع للغاية لا يتعدى ثلاث
غرف بحي "الكسارات" الشعبي الواقع في شمال مدينة الزرقاء الأردنية وقد
التحق أحمد بمدرسة الملك "طلال بن عبد الله" الابتدائية، في مدينة
الزرقاء، ثم التحق بالمرحلة الثانوية في نفس المدينة غير أنه لم يكمل تعليمه على
الرغم من حصوله على درجات عالية في الصف الثاني الثانوي ثم عمل لمدة قصيرة لا
تتعدى الشهر في بلدية الزرقاء في قسم الصيانة لكنه ترك العمل بعد أن طلب منه والده
ذلك. وتزعم بعض المصادر أن أحمد عاش في بداية حياته بعيداً عن التدين ثم ما لبث أن
انقلبت أحواله وتعلق بالدين وبدأت اهتماماته بالعلوم الشرعية وحفظ القرآن . وتشير
بعض المصادر إلى أن أبو مصعب متزوج من زوجتين إحداهما تقيم بالزرقاء والأخرى
فلسطينية الأصل لا يعرف أين تقيم غير أنها كانت معه في أفغانستان وأنه أب لأربعة
أطفال أكبرهم الطفلة آمنة وعمرها 14 سنة وروضة وعمرها 11 سنة ومحمد 9 سنوات
والصغير مصعب 7 سنوات والذين حرص على تعليمهم القرآن والسنة النبوية . في عام 1990
استجاب أبو مصعب إلى نداء الجهاد في أفغانستان التي كانت ما زالت تقبع حينئذ تحت
نير الاحتلال السوفيتي وكانت تزخر بمقاومة إسلامية ضمت بين صفوفها مجاهدين من
مختلف أنحاء العالم الإسلامي حيث التحق الزرقاوي
بالمجاهدين في مدينة خوست . ولم يرغب الزرقاوي خلال فترة إقامته في أفغانستان أن ينتمي لأي من
الفصائل المجاهدة حتى تحقق النصر للمجاهدين في أفغانستان وتمكنوا من طرد القوات
السوفيتية .. وبعدها ذهب إلى باكستان ليقيم بها فترة
حاول خلالها الالتحاق بالمقاومة الإسلامية في الشيشان التي تعاني من الاحتلال
الروسي وكان على علاقة بكبير المجاهدين فيها وهو " خطاب" الأردني الأصل .
وعاد الزرقاوي إلى الأردن لتوجه له تهمة التخطيط لشن
هجوم مسلح ويحاكم الزرقاوي بالسجن 15 عاما قضى منها
ثمانية سنوات بعد صدور قرار بالعفو الملكي ليخرج من السجن عام 1999ليتوجه بعد ذلك
إلى أفغانستان، في عام 2000 عاد الزرقاوي مرة أخرى إلى
أفغانستان وهناك التحق بتنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن في عهد حركة طالبان
حيث أشرف على معسكر لتدريب مقاتلي القاعدة، كما تخصص في الأسلحة الكيماوية
والبيولوجية. وفي عام 2001 قضت محكمة أردنية بإعدام الزرقاوي
غيابيا ثلاثة مرات فضلا عن حكم جديد بالسجن لخمسة عشرة سنة بعد أن وجهت له
ولتنظيمات تابعة له تهم بشن عدة هجمات مسلحة أو التخطيط لشن هجمات داخل الأردن
والتي تسبب بعضها في مقتل مدنيين. وفي أكتوبر 2001 وعقب الاعتداء الأمريكي على
أفغانستان تمكن الزرقاوي من الهروب إلى إيران بعد أن
فقدت طالبان سيطرتها على البلاد حيث استطاع أن يجند فلسطينيين اثنين وأردنيا
لتأسيس تنظيم جهادي وكان مقررا أن يدخل هؤلاء إلى تركيا للانتقال للأراضي المحتلة
الفلسطينية لشن هجمات بالقنابل هناك ضد الصهاينة لكنه تم إلقاء القبض عليهم في 15
فبراير 2002. وفي مايو 2002 سافر الزرقاوي إلى العراق
قبل العدوان الأمريكي عليها وهناك تعرض لحادث أصيب فيه وفقد إحدى قدميه ليستبدلها
بأخرى صناعية كما التقى بعد فترة قصيرة ببعض المقاتلين هناك حيث أقام قاعدة عمليات.
وفي صيف نفس العام سافر الزرقاوي إلى لبنان لمقابلة
قادة من حزب الله ومجموعة مسلحة أخرى. وفي بداية 2003 عاد الزرقاوي
مرة أخرى إلى العراق ليلتحق بمعسكر جماعة أنصار الإسلام الكردية والموالية لأسامة
بن لادن في شمالي العراق. وفي 5 فبراير 2003 يربط وزير الخارجية الأميركي آنذاك كولن بأول في كلمته أمام مجلس الأمن إلى أن معلومات لديه عن
علاقات الزرقاوي بتنظيم القاعدة في العراق. وبعد
العدوان الأمريكي على العراق والتمكن من إسقاط نظام الرئيس صدام حسين نجح الزرقاوي في الدخول إلى العراق وتشكيل تنظيم مسلح باسم جماعة "التوحيد
والجهاد" والذي أعلن بعد فترة ولاءه لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وتمكن
الزرقاوي وتنظيمه التوحيد والجهاد من القيام بمئات
العمليات المقاومة والاستشهادية ضد قوات الاحتلال في العراق وهو ما دفع أمريكا إلى
أن ترصد مبلغ 10 ملايين دولار كمكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال الزرقاوي. ووسط حالة من المطاردة اجتمعت عليها العديد من
الحكومات والأجهزة الموالية للاحتلال الأمريكي تمكن هؤلاء من رصد تحركاته بعد أن
أعياهم بعملياته الجريئة لما يزيد على ثلاثة سنوات ليلفظ الزرقاوي
أنفاسه مجاهدا في سبيل الله كما أحب وتمنى