مجلس الأمن يفقد احترامه
بقلم :منير شفيق
مهما علت قيمة أية
هيئة دولية او حكومية فإنها تفقد احترامها اذا فسدت، او ازدوجت في معاييرها، او اوغلت في الظلم وعدم مراعاة
العدل. وذلك لسبب بسيط هو ان الشعوب حساسة للعدل
وللاستقامة ولا تستطيع ابتلاع الاعوجاج ايا كان عنوانه.
كثر في الآونة الاخيرة التركيز على تسمية مجلس الأمن بأنه يمثل الشرعية
الدولية، او انه «المجتمع الدولي» وهو ليس كذلك، اما قراراته فيعاملها كما لو كانت قرارات المحاكم القضائية. طبعاً
المقصود ما صدر عنه من قرارات، بخصوص العراق سابقاً ثم لبنان وسوريا والآن اقترب
دور ايران وفلسطين اما
القرارات السابقة التي تتعلق بالدولة العبرية فلا علاقة لها حتى بالالتزام الادبي واللفظي، ليس من قبل الدولة العبرية فحسب، وانما ايضاً من جانب الدول اياها التي صاغتها ووقعت عليها، واعتبرتها، ردحاً طويلاً من
الزمان، سياستها الرسمية.
من هنا جاء القول ان مجلس الأمن بدأ يفقد احترامه، ومن يفقد احترامه سيفقد
هيبته، ومن يفقد هيبته اذا كان في موقع مهيمين يقود الى الفوضى والاضطراب.
ولهذا لا عجب اذا سادت الفوضى العالم حين يقيم مجلس
الأمن من نفسه دكتاتوراً على بقية الدول، ولا سيما
دولنا العربية والاسلامية.
لعل آخر سقطات مجلس
الأمن صدور بيان تلاه رئيسه الصهيوني جون بولتون ممثل
الولايات المتحدة في هيئة الأمم المتحدة، وجهه الى
الشعب الفلسطيني طالبا من السلطة الفلسطينية ان: «تمنع
الهجمات الارهابية وان تفكك البنية التحتية للارهاب».
في نظر الشعب
الفلسطيني وكل منصف في هذا العالم ان ارهاب الدولة الذي يمارسه الجيش الاسرائيلي
ماض ليلاً نهاراً بالرغم من التزام حماس والجهاد وبقية فصائل المقاومة بما اعلنوه من تهدئة فيما مسلسل الاغتيالات والاعتقالات من جانب
الحكومة الاسرائيلية لم يتوقف، وبالاعلان
الرسمي عن ذلك. فمامعنى ان
يطالب مجلس الأمن السلطة في تسمية المقاومة ارهاباً.
كيف يمكن للرئيس بوتين الذي اعلن انه لا يعتبرحماس منظمة ارهابية ان يوافق على مثل هذا البيان وكيف يفهم موقف الصين الذي لم
يدخل في هذه اللعبة؟ وغيرهما بالطبع؟ الجواب احد امرين اما عدم احترام لما يصدر من بيانات عن مجلس الأمن باعتباره لا
يعبر حقيقة عن موقف الدول المعنية ومن ثم مررت تمريراً اما
تحت الضغوط واما مقابل صفقات واغراءات
الامر الذي سيزيد من فقدان مجلس الأمن لاحترامه بسبب
ازدواجيته، ولاعدالته، وما يطبخ فيه من صفقات.
التوجه الثاني في
البيان فيحمل «غموضاً بناء» طالب فيه الحكومة الفلسطينية المقبلة «بتحقيق تطلعات
الشعب الفلسطيني بالسلام واقامة دولة» هذه عبارة جوفاء
لسبب بسيط لأن مجلس الأمن لا يعرف او لا يريد ان يعرف ما تطلعات الشعب الفلسطيني، وهل بقيت عنده أية ثقة
وان مجلس الأمن واعضائه الدائمين، وعلى الاخص امريكا، يتطلعون الى السلام الا بقدر ما تسمح به
النظارة الاسرائيلية والا
ماذا فعلوا طوال هذه السنوات ليحق لهم تقديم التوجهات حول السلام او حتى «خريطة الطريق» التي اجهضها
شارون قبل ان تخرج الى النور
ووافقه بوش واخيراً سكتت اوروبا
عن ذلك ايضاً والآن مجلس الأمن العتيد.
فعلاً من العجب ان يتحدث مجلس الأمن عن سلام افتراضي وهمي رهنه بالقرار الاسرائيلي، فيما هو يعلم ان لا
سلام في جعبته.
والاهم سؤال لمجلس
الأمن يتعلق بالحقوق الفلسطينية ما هي في نظره على مستوى فلسطين اولاً، او في الاقل
بداية على مستوى حق العودة. وثانياً على مستوى الاراضي
التي احتلت في حزيران 1967 هل عنده غير ما عند الدولة العبرية في هذا الصدد؟ والا لماذا يستخدم العبارة الغامضة التي تحمل الف محتوى: «اقامة دولته» كأنها
غاية بحد ذاتها ولا علاقة لها بما تحتها من ارض وحال تلك الارض.
ناهيك عن السيادة فاذا كانت السلطة وبموافقة الاوروبيين، وبرعاية امريكا لم
تملك سيادة على معبر رفح كما عبّر الاتفاق الاخير وترك
المعبر الآخر تحت الهيمنة الاسرائيلية بالكامل فعن اية «دولة» يتحدث مجلس الأمن؟!.