حتى نكون فاعلين.. لنحول المقاطعة الشعبية إلى اصطفاف في خندق المقاومة..

 

 

 

بقلم :علي حتر

 

أحداث هامة لا يمكن تجاهلها مرت بنا الأيام القليلة الماضية.. والأمور متداخلة..

 

أولها بالترتيب الزمني هو فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية.. وهو أول فوز في الزمن المنظور لحركة مقاومة بموقع من مواقع السلطة في العالم العربي.. (مثلما كان انتصار المقاومة اللبنانية على الصهاينة أول انتصار ضد احتلال أرض عربية)..

 

ثانيها هو رد الفعل العالمي والعربي الرسمي ضد هذا الفوز.. متبوع بحملة إعلامية لكتاب التدخل السريع ضد حماس وثوابتها..

 

ثالثها رد الفعل الشعبي العربي والإسلامي ضد الدنمارك والمدافعين عنها في مسألة الإصرار على الإساءة إلى شعبنا وتاريخنا وحضارتنا وعقائدنا تحت عنوان حرية التعبير.

 

وفي هذا كله تظهر مسألتان هامتان:

 

الأولى: تتعلق بقدرتنا الشعبية على عقاب أعدائنا.. بفضل سلاح المقاطعة الهام الذي نملكه.. ونحن هنا نختبره للمرة الثانية في تاريخنا بفاعلية هائلة.. (المرة الأولى عام 1973 خلال ما سمي بأزمة النفط بعد حرب العبور.. والتي أجهضتها الحكومات، مع ملاحظة أننا نملك 62% من احتياط النفط العالمي، الذي تستخدمه دبابات الأعداء وطائراته اليوم في فلسطين والعراق وجنوب لبنان ضدنا، بل حتى مصانع الصهاينة هذه الأيام تدور بطاقة الغاز العربي)..

 

والمسألة الثانية: ازدواجية التعامل الغربي معنا وفي هذه المرة من خلال الموقف الأوروبي في الدفاع عن حق الإساءة لنا تحت مسمى حرية التعبير.. الذي يستخدم ضدنا فقط.!!

 

وهذا الموقف الغربي نفسه مصحوب ومتزامن مع تهديد حماس بوقف المساعدات عن الشعب الفلسطيني (وكلها مساعدات من النوع الإنساني لا العسكري، مقابل المساعدات العسكرية الهائلة غير المشروطة لعدونا الصهيوني)..

 

المقاومة العربية في فلسطين والعراق ولبنان تحتاج إلى الوقوف الشعبي في خندقها.. في وجه محاصريها..

 

والموقف الأوروبي تجاهها الآن لا يقل سوءا عن الموقف الأمريكي.. وهو موقف التهديد والوعيد للمقاومة الفائزة في انتخابات فلسطين.. إذا لم تعترف بعدوها المغتصب.. مثلما هو الموقف الغربي من المقاومة العراقية المسماة بالإرهاب إذا لم تتقبل الاحتلال الأمريكوصهيوني.. ومثل الموقف من المقاومة اللبنانية التي يراد لها أن تخضع وتنسحب لأنها تحول دون اختراق لبنان لصالح الهيمنة الفرانكو صهيونية عليه.. ودون سيطرة عملاء الشركات الصهيونية والفرنسية على السياسة والاقتصاد فيه..

 

المقاومة في كل مكان تحتاج إلى الوقوف الشعبي في خندقها.. والمقاومة هي الدفاع عن حق وجود هذه الأمة المنتهكة حقوقها في كل مكان.. ونحن نملك سلاحا شعبيا فعالا هو سلاح المقاطعة.. الذي برهن على فاعليته هذه الأيام.. ولا توجد قوة قادرة على منعنا من استخدامه.. فلماذا نتردد..؟؟ هم الذين يهاجموننا.. فلماذا لا ندافع..؟ مع التأكيد على أن ما تقوم به المقاومة هو - إسلاميا- عمل جهادي، كما أنه عمل كفاحي نضالي في العقائد الأخرى؟

 

فرنسا وألمانيا وبريطانيا.. جميعها أصدرت قوانين وتعليمات بمعاقبة من يفكر مجرد تفكير في مناقشة المحارق الصهيونية المزعومة (الهولوكوست).. باعتباره (لا ساميا).. لأنه يشكك بالدعاية الصهيونية.. ودون أن يمس العقيدة اليهودية.. هذه الديموقراطيات نفسها تتحرك اليوم للدفاع عن المسيئين لأمتنا تحت شعار حرية التعبير.. وتساندها النرويج وإيطاليا.. وسوف يتبعها غدا الباقون..

 

ازدواجية المعايير واضحة.. والعداء لنا لا يحتاج إلى برهان آخر.. والهجمة أيضا تتجلى في محاصرة فكرة فوز المقاومة العربية في فلسطين لإحباطها، وحكوماتنا خاضعة سلفا.. فلماذا لا نتحرك نحن..؟

 

إن أموال المساعدات التي يهدد الأوروبيون بوقفها عن الفلسطينيين.. تأتي أصلا من نهبنا نحن.. بل إن معظم مصادر قوتهم تأتي من ضعفنا ومن عدم إدراك مكامن القوة الشعبية لدينا.. وأحدها قدرتنا على تصعيد المقاطعة.. وهم لا يحتملون الأزمات الاقتصادية التي تسببها مقاطعتنا.. فلماذا لا نتحرك للدفاع عن وجودنا والذي تمثله خير تمثيل حركات المقاومة العربية في كل مكان..؟

 

أنا لا أخاطب الحكام .. ولا حكوماتهم ولا عملاء الشركات الغربية ولا المطبعين مع الصهاينة ولا كتاب التدخل السريع المعروفين في عالمنا العربي.. نتيجة اصطفافهم جميعا في الخندق الأمريكوصهيوني..

 

ولكنني أوجه دعوتي للمواطن العربي البسيط الذي رأيته يتظاهر في شوارع المدن العربية والإسلامية، يحرق أعلام دول العدوان، ويقاطع منتجاتها ليثبت قدرته على الحياة بدونها.. وهو لا يمكن أن يصطف إلى جانب العدو الأمريكوصهيوني.. كما أنه قادر على فعل الكثير الكثير..

 

لقد قدمت المقاومة العربية نموذج الانتفاضة وسلاح الحجر للمظلومين في العالم.. فلماذا لا نصطف؟.