وإنتصر الاسلام ...
بقلم :الهادي بريك
لا يختلف إثنان فيما أحسب من أولى النهى من مسلمين وغير مسلمين بأن
دورة حضارية جديدة بدأت تشد رحالها إلى الارض خطوة بعد
خطوة في تأن وأناة وتريث وذلك على وجه التقريب منذ النصف الثاني من القرن الميلادي
المنصرم .
لو بحثت عن عنوان
مناسب لتلك الدورة الحضارية الجديدة لما ترددت في إختيار
عنوان التحرر أو الاسلام وهما عندي وفي هذا المستوى
بالذات وجهان لعملة نقدية واحدة ما بدا لك هنا ضامرا هو
في الخلف مستعلن وما كان هناك هادئا يخر خرير الماء
الدافق هو هنا حثيثا راملا يغذ السير لا تكاد تتعقب له
خطى لفرط سعيه .
حكاية الاسلام مع الناس معروفة لا يجحدها جاحد ولا يغمطها غامط : دين تنزل قبل خمسة
عشر قرنا على قوم ليس لهم من قيم التحضر سوى خلتين : الكرم إلى حد الاسراف الفاحش والشجاعة إلى حد الجود بالنفس تلو النفس في
سخاء لا يعرف حيلة ولا جبنا ولا هلعا ولا فزعا .
دين بسط نفوذه في
سنوات معدودات على أكبر إمبراطوريتين تتقاسمان النفوذ الدولي يومها ببرهان العقل
وسلطان الخلق العظيم جلب إليه اليهود والنصاري
والوثنيين من كل بيئة وعرق رغم إعترافه بما سبقه من رسل
وديانات وكتب فلم يزد على تقديم نفسه كونه " متمما لمكارم الاخلاق " و كونه " لبنة " أخيرة في صرح حضاري
تليد إلهي المصدر بشري التنزيل .
دين لم ينهزم في
مناظرة عقلية أبدا رغم نفوره من خطاب التناظر وإيثاره لخطاب التحاور.
دين لئن تصرمت حبال مؤسساته السياسية ـ رمز وحدة أمته ـ مرات كثيرة
فإن عقيدته وعبادته وخلقه ومعاملاته وحضارته وثقافته ظلت قوية فتية تصارع الامواج العاتية وتنتصر عليها .
دين سجل عجيبة من
عجائب الدهر وغريبة من غرائب الانسان يوم إعتنق الفاتح المنتصر المدجج بسلطان قواته وجبروته دين
المغلوب المقهور مستباح العرض والمال والارض إستباحة ضجت منها دجلة التي أضحى ماؤها مدادا أسود وماء
الفرات دما قانيا : المغول في بغداد.
دين عجيب من طينة
عجيبة لا تزيده الضربات إلا قوة وبحسب قوة الضربة يستعيد قوته .
دين يستيقظ هابا هادرا كأنما نشط من عقال في فجر
ذات اليوم الذي يحتفل فيه أعداؤه بدفنه.
تلك هي حكاية الاسلام بإختصار شديد .
كيف ينتصر الاسلام اليوم وعلى من
؟
قبل الحديث في ذلك لا
بد من الرجوع إلى الخلف قرنا كاملا تقريبا .
سقطت الاندلس في أروبا وطرد الاسلام منها شر طردة ولكن كعادته دوما يغري عدوه بدفنه
والتخلص منه لفرط تماوته وسرعان ما تولد الحياة فيه من ذات الموت الذي غيبه .
وبعد ذلك بأربعة قرون
فحسب سقطت خلافته العثمانية فهوت القنطرة التركية التي تصل الشرق بالغرب وفي الاثناء لم ينج بلد إسلامي واحد تقريبا من الاحتلال العسكري
ثم جلا هذا ليترك الباب مفتوحا أمام غزو ثقافي كان هو الاخطر
والانكى على الامة منذ يوم "
إقرأ بإسم ربك ".
هل تظن أن الاسلام بتلك المعطيات في وضع حرج ؟ كلا وذلك هو السر الذي
دوخ كل مراقب سواء كان منصفا أو محشوا بهتانا لا بل حير
الصديق والعدو في آن .
أول إنتصارات الاسلام اليوم : مقاومة
الاحتلال على سائر إمتداد البلاد الاسلامية
:
لا يصلح هنا إيراد الامثلة لان الاحتلال العسكري الاروبي
خاصة بسط نفوذه على كل المعمورة الاسلامية مترامية الاطراف من جاكارتا حتى طنجة في كل النجاد والوهاد سوى
الحجاز تقريبا وظلت تلك الحال ما يقارب قرنا كاملا ونصف قرن حتى إطمأن كل عدو للاسلام على موته
ودفنه وفي ربيع ذلك الاطمئنان نشبت المقاومة فكانت إسلامية حقة
قحة بأسرها بل إن جل من أسسوا كتائبها منتسبين إلى العلم الاسلامي
بوجه عملا ودعوة فلم تبال بآلاف مؤلفة من الشهداء في سفوح الجبال وإذا خانها من
حين لاخر هنا أو هناك اللجوء إلى بعض المناورات
السياسية فلا يغمط كل ذلك حقها الاسلامي
نشأة وتسييرا كما لا يغمط حقها أن قطفت ثمار دمائها نخب
إما نشبت فيها سموم التغريب والعلمنة أو كانت أردأ من أن تتولى الحكم فقها لادارته . لا يكاد يخلو بلد إسلامي اليوم لا يذكر برجل أو
رجال من أولئك ولكن ألتزم التلخيص هنا خوفا من الاسهاب.
ثاني إنتصارات الاسلام اليوم : مقاومة
الغزو الفكري الغربي على سائر إمتداد البلاد الاسلامية:
شأن كل مغلوب كما
يقرر العلامة المرحوم إبن خلدون يولع ولو مؤقتا أو
جزئيا بتقليد غالبه فضلا عن دهاء الاحتلال الاروبي في
تبديل رحى الهجوم من عسكري إلى ثقافي ... خضع العالم الاسلامي
بأسره تقريبا إلى حملة ثقافية وحرب فكرية شرسة لم تكن أمينة ولا أخلاقية في
إدارتها للصراع لكونها غالبة ماديا ومتفوقة عسكريا فهي إلى الفتنة والاكراه أقرب . إرتكزت تلك الحرب
الضارية على البنية الادارية أيام الاحتلال وعلى ميوعة تلك النخب التي تولت السلطة بعد نجاح المقاومة فكانت
أشد وأقسى مليون مرة من كل حرب سابقة ولاحقة . فلم يك
بدا للاسلام من النهوض رغم جراحات المقاومة للمقاومة من
جديد فنشبت الجمعيات والمؤسسات والمنظمات والاحزاب
والحركات والتنظيمات التي تقود حربا ثقافية دفاعية مضادة وسرعان ما إلتحم حولها الطلاب والمثقفون ورجال الاصلاح
عموما فأطفأت كثيرا من النيران المستعرة وأخمدت حرائق أخرى أكبر وأخطر وغالبت وضارعت
وصمدت ومانعت تماما كما يمانع الليث الهصور كسيرا على باب عرينه . ومهما هونت من إنتصار الاسلام هنا في هذه الجبهة
فلا مناص لك من الاعتراف لتلك المقاومة الثقافية ـ مهما
كنت شحيحا معها ـ بأنها لم تخسر حتى لو لم تفز ولم تتراجع ولم تضح بميراث دينها
حتى لو لم تنتصر . ولا يكاد يخلو بلد من لفيف من رجال المقاومة الفكرية الذين
حفظوا للاسلام تألقه رغم ضراوة النكبة ولنمر بسرعة .
ثالث إنتصارات الاسلام اليوم : تجدد
الصحوة الاسلامية على إمتداد
البلاد الاسلامية :
أبرز فرق كبير بين
الصحوتين القديمة التي صاولت الغزو الفكري في أعقاب دحر
المقاومة للاحتلال والصحوة الجديدة هو كون الاولى كانت
دفاعية بالدرجة الاولى بينما كانت الثانية أي التي نحن بصددها اليوم هجومية بالاساس . الدفاع والهجوم هنا ليس عيبا في تلك ولا فخرا في
هذه ولكن المقام التاريخي هو من يفرض ذا وذاك فلا يتأتى هجوم ناجح حتى يقوم على
دفاع مستميت وأظن أنه حتى في مجال كرة القدم كذلك ـ والله أعلم ـ .
أبرز ما يميز الصحوة الاسلامية المعاصرة هو إنتقالها من
مرحلة الدفاع عن الفكرة الاسلامية إلى مرحلة مهاجمة
النظام القيمي السائد سيما
الغربي منه بحكم كونه موجها عاما لما دونه غلبة.
وأبرز مظاهر تلك
المرحلة هو إقتحامها للمجال السياسي عملا وأداء شعبيا
ونخبويا ثم مغالبتها بذلك عبر الانتخابات المحلية والبرلمانية في أعلى مراكز
القرار والنفوذ . ذلك يعني أن الاسلام الذي تستند إليه
تلك الصحوة بحركاتها وأحزابها وتياراتها ليس دين الشعب في مساجده وإجتماعياته فحسب بل
هو دين الدولة في سياساتها العسكرية والدولية والامنية
والاقتصادية والتربوية والصحية والسكنية والعلمية . لا فائدة الان
من التذكير بالنجاحات الكبيرة جدا التي حققتها الصحوة الاسلامية
في العقود الماضية القليلة في ذلك المستوى لانه لم تتح
فرصة مماثلة حتى إنتصر فيها الاسلام
في أكثر البلدان الاسلامية التي تفوق الخمسين .
ربما كانت البداية
بالجزائر ثم بتونس وأخيرا في مصر وفلسطين وبين ذلك توصل الاسلام
عبر صحوته إلى الحكم في تركيا بالكلية والسودان وأفغانستان وفي بلاد أخرى بالاشتراك سيما
حيث بقية من حرية من مثل الكويت ولبنان وماليزيا وأندونيسيا
والمغرب وغير ذلك لا يحصى .
لقد وصل الامر حدا أربك بجد تخطيطات أعرق
وأضخم مراكز الدراسات الاستراتيجية والامنية
في أمريكا وأروبا لا بل وصل الامر
حدا وضع لاول مرة في التاريخ الغربي الحديث ـ تاريخ ما
بعد ما يمسى عصر التنوير والنهضة ـ قيم الديمقراطية وحقوق الانسان
في ميزان الريب بسبب إضطرار الغرب ـ سيما أمريكا وأوروبا ـ إلى الالتفاف على تلك القيم بغرض ملاءمتها لخدمة الفلسفة الغربية المادية ـ يونانية الاصل ـ دون أن يستفيد من ذلك الاسلام
الذي صرحت ذات تلك الدوائر ممثلة في أمين عام حلف الناتو قبل عقد من الزمان بأنه
العدو المقبل بعد حركة البروسترويكا والقلاسنوست التي أجهضت حلم ماركس ولينين وستالين وإنجلز فضلا عن فرويد ودوركائم وأذيال عربية " مسلمة " أخرى كثيرة حزها
اليتم حزا في النحور .
رابع إنتصارات الاسلام اليوم : إقتلاع وشيك لسرطان الصهيونية في فلسطين والشرق:
لو قلبت الامر من كل جوانبه لالفيت عجبا
عجابا لا ينقطع فالسرطان الصهيوني في فلسطين مغروز بقوة الحديد والنار ومفروض
بالقانون الدولي وتجبى إليه إستحقاقات الهولوكوست بدون حساب حتى إن المدفوع للكيان المغتصب اللقيط
سنويا من أروبا وحدها يفوق ميزانية قارة بأسرها تضم
عشرات من الدول والحكومات وعشرات الملايين من البشر . كيان تخدمه عشرات من
المنظمات الدولية بدء بمنظمة الامم المتحدة ومجلس الامن وبخس الفيتو وتؤمن له التفوق العسكري وحق إمتلاك الاسلحة النووية المدمرة
الفتاكة دون غيره وترهب كل دول العالم التي تناهز مائتين وحكوماتها لفرض الاحترام
له وعقد التمثيلات الدبلوماسية والصفقات الاقتصادية
الرابحة على مقاسه هو وحده وهواه هو وحده وخدمة مصالحه هو وحده . كيان لايزيد عدد مواطنية الفعليين عن
بضع عشرات من مئات الالاف ولا يزيد معتنقي ديانته عن
ذلك وهو مركوز في قلب الامة
جغرافيا وحضاريا وإقتصاديا منذ نصف قرن لم يجرؤ أشد
الحكام العرب بأسا وبطولة على مجرد تهديده فضلا عن حربه حتى أضطروا
جميعا ليس لمجرد القبول به بل على الاعتراف بمشروعه الاستيطاني التوسعي لا بل
لحماية حدوده من كل الجوانب فكانت معاهدة إسطبلات داوود ثم وادي عربة واليوم توشك
سوريا بعدما فرطت في الجولان أن تزهق روحها لصنع إسطبل ثالث فيها ولولا حزب الله لاضحى لبنان بأسره مزرعة آمنة لشارون .
تدبر ذلك مليا وأحشد
له كل المعطيات الاخرى بكل تفاصيلها التي لم ترد هنا
لتدرك معنى نجاح المقاومة الفلسطينية المسلحة في دحر توسع ذلك الاحتلال وتكبيده
خسائر رهيبة بحجارة يلتقطها صبي من الارض ليس أكثر وفي
غضون عمر صغير قصير لتلك المقاومة لا يزيد عن عمر ذات الصبي اليافع : عقدا ونصف
فحسب . إضطرت الادارة الامريكية في ذلك العمر القصير إلى المناورة عبر أكثر من ثلاث
مخططات لتجنب إندحار الاحتلال بالكلية كان آخرها خارطة
الطريق وتم كل ذلك في وقت تخلت فيه أو تكاد تقريبا أعرق منظمة فلسطينية تأسست لغرض
المقاومة المسلحة على يد المرحوم أبي عمار عن المقاومة لا بل لم تكتف بالتخلي بل تحول قادتها الامنيون إلى ضباط مخابرات عند العدو الصهيوني . تدبر الواقع
العربي المحيط بها لتلفى تكأكأ
عجيبا ضدها من مصر التي تحمي حدود الصهاينة أن يتسلل إليها مجاهد مصري إلى الاردن الذي سهر ملكه نديما لشارون في ضيعته الخاصة حتى قبيل إغتيال سيد شهداء العصر الامام يسن
فجرا وصولا إلى البحر المتوسط المدجج بالبوارج الامريكية
والاروبية تؤمن السلامة لاسرائيل
.
أليست معجزة أن يخرج
العدو من غزة صاغرا بعدما أنهكه أهلها هناك بالحجارة والاجسام
الادمية المفخخة ليس إلا ؟
إسرائيل بعد شارون
ووحل أمريكا في مستنقع العراق وأفغانستان وتحلق ألف سؤال إستنكاري
حول خطتها في محاربة " الارهاب والتطرف " من
لدن حلفائها الاروبيين وغيرهم وبعد تحرير غزة والتخلي
عن حلفائها في الجهاز الامني الفلسطيني لفتح ـ أو كثير
من قادته على الاقل ـ بحكم فوز حماس وعوامل أخرى كثيرة ...
بدأ نجمها في الافول بل توشك أن تقتلع من أرض فلسطين
ولو بعد سنوات أخرى غير طويلة .
بودي لو أني أستمع ـ
ورب الكعبة ـ إلى تحليل مخالف تماما تماما
كما أود إلى الاستماع إلى أن ذلك ليس من باب المعجزات الرحمانية
ولكن على منهج القرآن الكريم " ونري فرعون وهامان وجنودهما ـ منهم ـ ما كانوا
يحذرون " . معجزات بإذن رحماني وصنع بشري .
خامس إنتصارات الاسلام اليوم : للرسول
رب يحميه بذات ما حمى به كعبته يوما :
إندلعت شرارة الانتفاضة الاسلامية
الراهنة في الارض بأسرها ضد إهانة
محمد عليه السلام من خلال الرسوم الساخرة في الدانمارك
أساسا وما كان يتوقع أحد منهم ولا منا تقريبا بأن تسجل ذلك الانتصار المدوي لامة الاسلام .
إنتصار مدو بكل المقاييس من مظاهره تجند عدد غير
يسير من الدول والحكومات العربية من أجل فرض قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة
المعتدية وإعلان المقاطعة الاقتصادية لوارداتها رسميا وشعبيا وغير ذلك من الاجراءات الاخرى المشروعة دفاعا
عن النفس التي لا تحيا دون قيم ومثل تختارها مريدة حرة .
إنتصار مدو بكل المقاييس من أبرز نتائجه حالة تخبط
شنيعة في مؤسسات الحكم الدانماركي لم يستطع أن يؤجل
الاعتذار الرسمي ويلتف عليه سوى لايام معدودات تحت مرجل
الانتفاضة الاسلامية العارمة لم تفرق بينها مسافات لغة
ولا مذهب ولا طائفة ولا ملة ولا غنى ولا فقر ولا حكم ولا معارضة ولا إختلاف هنا أو حرب هناك .
إنتصار مدو سجلت فيه موازين الاقتصاد الدانماركي خسائر مهولة تقدر بالمليارات يوميا وهو ما دفعهم
يهبون مذعورين كالفئران عندما يداهمها السيل يذهب بما جمعت من محاصيل وإدخرت .
إنتصار مدو جعل بقية الحكومات الغربية والاروبية تحسب ألف ألف حساب لكل
مغامرة جديدة يبوء بإثمها صحافي مغمور هنا أو هناك
إنتصار مدو جعل الادارة الامريكية وكثيرا من حكومات
ودول العالم الغربي والاروبي فضلا عن مؤسسات
دولية كبيرة معتبرة تنحاز إلى جانب المسلمين ومقدساتهم حتى والحرب مندلعة ضدهم فوق
كل شبر أرض تقريبا .
إنتصار مدو جعل الفكر الغربي يعدل من غلوائه ويطامن من كبريائه وهو يتباهى بحرية التعبير وكان يحسب من قبل
أن طرد القيم ودوس الاديان
والاستخفاف بالغيب يمكن أن يبرر بتلك الحرية .
إنتصار مدو ستدوي جنباته
بعد حين عندما يدخل الناس من قلب أروبا بإذنه سبحانه في
دين الله أفواجا والسبب حماقات غربية وأروبية إعتدت بقوتها فعدت وظلمت فحاق بها
قانون الله الغلاب.
إنتصار مدو لانه جمع
كلمة المسلمين من كل طائفة ومذهب ولغة وموقع حول ثوابتهم المقدسة في زمن هم في أشد
الحاجة إلى التوحد حول تلك المقدسات .
إنتصار مدو جاء رافدا لفرحة المسلمين بفرحتهم بنجاح
حماس ومن قبلها إخوان مصر وقبل ذلك الاندحار عن غزة وثبات المقاومة العسكرية في
فلسطين وفي العراق وأفغانستان .
إنتصار مدو يبت في روعنا جميعا درسا واحدا كبيرا : الامة لا تخسر معاركها الرابحة أبدا مهما كان تفوق عدوها عددا
وعدة . درس عنوانه : ليس علينا سوى إختيار المعارك
الرابحة أما تجييش الجيوش لربحها وحسمها بأقل الخسائر
فليس من مشمولاتنا .
درس كبير يقول : المقدسات
المقدسة من شأنه هو وحده سبحانه ينصرها بمن شاء وكيفما شاء ووقتما شاء فما علينا
سوى إختيار تلك المعارك بحكمة ودقة وقوة وحرية .
درس يقول : من حمى كعبته العزلاء من جيش أبرهة بعدما
صاح عبد المطلب في الناس : للبيت رب يحميه ... من حمى بيته الاعزل
من جيش من الفيلة يضع كل واحد منهم حجرا واحدا في خرطومه من أحجار الكعبة فإذا بها يباب وخراب وقفار كأن لم تكن ...
من حمى ذلك بجيش من
الطير الابابيل ... بسلاح لم
يكن ليخطر على أخطر الناس ذكاء وقادا ..
من فعل ذلك هو ذاته
من يحمي نبيه الكريم عليه السلام من سخرية الدانمارك
والناس أجمعين .
لم يتغير في النصر
سوى السلاح أما الناصر فهو هو حي لا يموت وقدير لا يعجزه شئ
لم يتغير سوى السلاح :
كان لحماية البيت الشريف معجزة من السماء واليوم لحماية النبي الكريم عليه السلام
معجزة من الارض . معجزة إسمها
الانسان المسلم وليس سوى الانسان
المسلم .
تلك هي تباشير دورة حضارية إسلامية جديدة
وتلك هي بعض مظاهرها
وبعض إنتصاراتها في الارض
وفي العقل
أفليس جديرا بنا أجمعين بعد كل ذلك بأن نقول : إنتصر الاسلام تماما كما إنتصر بالامس البعيد والقريب . إنتصاره ليس رهين وجود نبي بعدما
ورث الانسان كتاب النبي ممن إصطفي
.
إنتصاره ليس رهين جهاد
سابق بالخيرات بل بالفاجر ينتصر الاسلام وبالظالم لنفسه
لا بل بالظالم لربه ولغيره .
تلك هي معطيات اليوم
أما غدا فلا زالت به الايام حبلى ولكنها ستنبجس حتما من آيتين هما :
" سنريهم آياتنا
في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق "
" ولتعلمن نبأه
بعد حين "
إنتصر الاسلام وسيظل
منتصرا حتى في يم هزيمته النكراء حين يصلي عليه عدوه صلاة الجنازة بطريقته الخاصة
متهيئا لدفنه يفاجئه كعادته دوما بإنتفاضة مدوية يفر
لهولها مذعورا لا يلوي على شئ .
على من ينتصر الاسلام اليوم وغدا ؟.:
إنتصر الاسلام ولكن على
من : على الجهل به أولا ثم على السحر الغربي الذي يتدثر بحرية الاعلام
والتعبير ثانيا
إنتصر الاسلام وينتصر
على الظلم أما الكفر فهو لا يبالي به أصلا
من أراد من أعداء الاسلام أن ينتصر به الاسلام دون
رغبة منه فما عليه سوى قمعه
هل سأل أحد عن فرعون
الذي نضحى ونمسي على بدنه بيننا اليوم في معطيات الثورة
الاعلامية الهادرة ؟ هل سأل أحد عن قصة هذا الرجل الذي نجى ببدنه ؟ ماهي حكايته ؟
هل سأل أحد عن الرجل
الذي بسببه يعيش بيننا اليوم فرعون بدنا محنطا كانه الان يحتضر ؟
هل سأل أحد عن موسى عليه السلام أين هو ؟
هل سأل أحد اليوم عن عدد أتباع وأنصار فرعون
وعدد وأنصار موسى عليه السلام ؟
أنصار موسى اليوم ـ
عليه السلام ـ مليار ونصف من المسلمين وكثير من غيرهم فكم هم أنصار فرعون ؟
وإنتصر الاسلام ...