الإحباط
العربي
بقلم : الدكتور
محمد أحمد النابلسي
الكارثة الشخصية هي
أدنى درجات السلم الكارثي. فهي تتمحور
عادة حول الأزمات التي تعترض الشخص الفرد في مجالات المهنة والصحة والسعادة ولغاية
قلق الموت الشخصي(1). وهي مشاعر خبرها الإنسان الأول ليرتقي فوقها ويتسامى في
الاتجاه الإنساني العام. بدءًا من الأسرة ولغاية البشرية مرورًا بالأمة وجماعاتها
الفرعية. وهذا التسامي مرتبط بتراث الأمة ارتباطًا مباشرًا. فالتراث الأممي، والإنساني عامة، هو المرجعية التاريخية للعلاقات
الإنسانية.
لذلك نلاحظ، نحن معشر
الأطباء النفسيين، أن الكارثة الجماعية أقسى من الكارثة
الشخصية الفردية. كما نلاحظ أن الكارثة المعنوية هي أقسى
وأشد الكوارث التي عرفتها البشرية وطأة. فعندما تطال الكارثة الأمة فهي تساوي
تهديد غريزة استمرار النوع وإبادته. وهي غريزة تفتقدها الجماعات
عديمة التراث (2).
ولقد شهد زملاؤنا
الفرنسيون مثل هذه الكارثة ورصدوها لدى سكان بريتانيا
الفرنسية. إذ لاحظوا ارتفاع نسبة الانتحار بينهم ولاحظوا علاقة هذه الزيادة باضمحلال لغتهم البريتونية.
واللغة هي أهم النظم الرمزية للجماعة. كما أكد الزملاء وجود علاقة شديدة الدلالة
بين تنامي الشعور القومي الفرنسي (صعود اليمين واليمين المتطرف وتأييد المواقف
المؤكدة على تراث الجماعة ...إلخ) وبين التهديد الذي
تعرضت له اللغة الفرنسية بمناسبة العولمة.
ملاحظة الزملاء الفرنسيين تتضاعف في حال تطبيقها
على حالتنا العربية الحالية، حيث التهديد يطال كل النظم الرمزية لأمتنا ولا يقتصر
على اللغة وحدها. فالتهديد يطال نظمنا التربوية
والتعليمية والدينية والاجتماعية والسياسية. ونحن نعلم أن حكامنا يشبهون غالبًا الأب القاسي الذي يضطهد أفراد أسرته. إلا أننا ندرك أنه
يبقى والدًا ملتزمًا بالنظم الرمزية وخاضعًا للقيم الثابتة في تراثنا ولاوعينا
الجمعي. في المقابل فإننا نرى أن المنقذ الافتراضي لا
يسعى لتخليصنا من ظلم الأب القاسي بل هو يرغب في اغتصاب خيراتنا وفي إقصاء قيمنا
وهدم نظمنا الرمزية. الأمر الذي وضعنا في مأزق كارثة معنوية شديدة الوطأة على
موقفنا من الحياة وتموقعنا فيها. حيث
تبدأ الكارثة من خلال تحويل صورتنا العربية إلى صورة الأمة الشريرة والإرهابية. وفي
هذا التشويه إساءة للشعوب العربية وتراثها وأذى يطال
الأفراد والجماعات العربية في آن معًا. وذلك دون أن تكون لهذا الأذى أية علاقة
بالديمقراطية أو بالحقوق بدليل التمييز العنصري الممارس بصورة متصاعدة ضد الأفراد
العرب بمن فيهم المتكيفون مع أنماط الحياة الغربية. هذا مع رفض كل التنازلات
المقدمة من قبلنا لتجميل هذه الصورة والتكيف مع رغبات المعتدي ومصالحه.
بناء على ما تقدم يجد الإنسان العربي نفسه اليوم
خارجًا من سلسلة كوارث معنوية متتالية ومهددًا بسلسلة قادمة من هذه الكوارث (3). وهي
وضعية عصية على الاحتمال البشري وإن كانت غير مفهومة من
قبل معدومي التراث. وتحت ضغط هذه الوضعية تتفجر كافة الدفاعات النفسية في آن معًا.
حيث نجد آلية التسامي ( Sublimation)
تمارس من قبل الاستشهادي الذي لم يعد يرى معنى لحياته فينفقها للحفاظ على
استمرارية الذات وللاحتجاج على إبادتها. كما نجد آلية
التوحد بالمعتدي تمارس عبر المحاولات المستميتة التي يبذلها بعض العرب لكسب ود
المعتدي عله يدفع أذاه. وبينهما محاولات الإزاحة بحيث
يزيح بعضهم الأذى عن طريق إدانته للعرب الآخرين رغبة في الخروج من دائرة التهديد. وغيرها من الآليات النفسية الدفاعية الممارسة من قبل الأفراد
والجماعات العربية المختلفة. حيث استمرار التهديدات وديمومة هوام تكرار الكارثة (العراقية
والفلسطينية وغيرها) علائم تثبت عدم جدوى كل هذه
الآليات الدفاعية وتبقي تهديد الإبادة قائمًا.
العلائم النفسية للكارثة العربية
مما تقدم يحق لنا
الاستنتاج بأن الشخصية العربية اليوم تعاني وطأة قائمة من الصدمات النفسية
المتراكمة ومن تهديد متواصل لاستمراريتها. ومن مظاهر
الصدمة النفسية العربية الجماعية يمكننا رصد العلائم
التالية:
- مشاعر الذنب أمام
معاناة الشعب العراقي الذي وصل إلى حدود إذلال الجوع
والمرض. وهي مشاعر مألوفة لدى الناجين من الكوارث.
- مشاعر الذنب أمام
معاناة الشعب الفلسطيني وهو على وشك الإبادة والتشتيت (الترانسفير).
- مشاعر الخوف من
تكرار الكوارث العربية الاصطناعية السابقة بأشكالها المختلفة من عسكرية واقتصادية
واجتماعية وحروب أهلية وغيرها.
- مشاعر
توقع كوارث اصطناعية قادمة غير ممكنة التجنب. وهي مدعومة بتقارير مخابراتية مسربة بصورة مقصودة لتجسيد تهديدات ملموسة ومحددة
جغرافيًا.
- مشاعر
الخوف من الموت الشخصي والجماعي تحت تهديد حروب موعودة. وهو
خوف دعمته الأعداد الهائلة للقتلى والضحايا في حرب العراق الأخيرة.
- علائم التجنب الهادفة لتلافي المصير العراقي أو الفلسطيني.
- الرغبة في الانسحاب
والتقوقع على الذات للتهرب من الأخطار المهددة للأمة. وهذا الانسحاب يمكنه تفجير
الصراعات البينية بين الجماعات الفرعية (حروب أهلية عربية).
- مشاعر الحداد
والفقدان المتطورة على أنواعها. وهي تتراوح ما بين الرعب
وفقدان القدرة على الفعل وبين الرغبة في الانتقام.
- مخاوف الفقدان
الاقتصادية بعد التحول إلى هدف لسياسة الإفقار التي باتت تمارس بصورة معلنة ومباشرة. وذلك بعد رؤية دولة نفطية مثل العراق تتحول إلى
المجاعة تحت وطأة الاحتلال.
- استعجال الموت
للخلاص من الإذلال المرافق للكارثة المعنوية. وهو استعجال
يتراوح ما بين الزهد والنكوص الديني وبين الاندفاع نحو الاستشهاد.
- الممارسة العشوائية
لكل الدفاعات النفسية (المشروحة أعلاه).
- تنامي مشاعر عدم
اطمئنان الجمهور للسلطة في تجسيد لحالة تهاوي الأنا المثالي. ومن تجلياتها الشعور
بعجز السلطة عن حماية جمهورها.
- حالة التفكك (epersonalisation)
التي تبرز التناقضات الداخلية وتظهرها للعلن بحيث يسهل تحديدها تمهيدًا لتفجيرها
الاصطناعي. بما من شأنه تهديد لحمة المجتمعات المحلية ودفعها للتناحر على أسس هذه
التناقضات.
- علائم غير مذكورة أعلاه.
هذا ويعتبر الطب
النفسي أن مجمل هذه المظاهر هي علائم مرضية تحتاج
للعلاج وتؤثر على التوازن النفسي والاجتماعي. وعمومية هذه المظاهر
(الناجمة عن انتشارها الوبائي الواسع بين المواطنين العرب) مدعاة لإعلان حالة
طوارئ نفسية على مستوى الأمة العربية والإسلامية. حيث
تشير وقائع الصدام العالمي الراهن إلى بزوغ عهد جديد من العبودية والعنصرية (4). بما يبرر النظر إلى هذه المظاهر النفسية على أنها مصطنعة عبر
الحروب المعلنة للصدام العالمي الجديد والتي توالت في منطقتنا وفق خطة مدروسة
ومعلنة تهدف إلى إحداث تعديلات جذرية في نظامنا القيمي
والديني والاجتماعي. ولعل حرب العراق والاحتلال التابع لها إشارة واضحة على الغايات
القصيرة الأمد لهذا الصدام. وهي غايات تحتاج إلى نشر
وباء الإحباط العربي عبر الصدمات النفسية القومية المتتالية وعبر تعقيد المظاهر
المرافقة لها والتي ذكرناها أعلاه.
في مواجهة الكوارث
المعنوية
مما لا شك به أن للأطباء النفسيين العرب دورًا
حيويًا في مواجهة هذه الظواهر المرضية الوبائية. حيث
الخطوة الأولى لهذا الدور تتمثل في تعريف الإنسان العربي على هذه المظاهر وتأكيد
عموميتها. بحيث يشعر المواطن بجماعية هذه المعايشة الصدمية
وبأنه ليس وحيدًا فيها. وهذه التعريفات يمكنها أن تلعب
دورًا وقائيًا من الدرجة الأولى في مواجهة هذا الصدام. وتراثنا
يحتوي على حكايات كثيرة حول الملك الذي قتل كل أطفال مملكته استجابة لنبوءة عراف
قال إن أحدهم سيهدد عرش الملك عندما يكبر. والمقابل الأميركي لهذه الحكاية هي
حكاية وولفويتز حول الحرب الاستباقية
التي لن تكتفي باغتيال الشعب العراقي بل هي تنوي تجاوزه إلى كل المنطقة. وذلك وفق
تأكيدات التقارير الأميركية التي تتحدث عن تغيير خريطة المنطقة العربية. بما يشكل
جراحة جغرافية وحشية تهون معها جراحات معاهدة فرساي واتفاقية سايكس
بيكو. ويبدو أن على الأطباء النفسيين العرب أن يبدؤوا
عملهم في تحضير الشعوب العربية وتهيئتها لمواجهة هذه الجراحات الوحشية التي تبدو
قادمة. ولعل الخطوة الأولى في هذا التحضير هو تأكيد أن
القوة وحدها لاتكفي لتحقيق النصر. فالنصر يكون من نصيب
الأكثر تصميمًا. ولنتذكر القول الصيني خلال حرب الأفيون: ... أيها الغزاة البرابرة
ماذا تملكون غير نيران مدافعكم ووحشية أسلحتكم؟...
ولو أردنا تنظيم سبل
التحرك الاختصاصي في مواجهة هذه الكوارث المعنوية فلا بد لنا من العودة إلى اختصاص
الصدمة في سيكولوجية الحروب والكوارث. حيث يرى هذا الاختصاص بأن الهدف الأول لمثل
هذا التحرك هو الحفاظ على مستوى اللياقة النفسية في مجتمع الكارثة. مما يقتضي
التنبه إلى المعايشة الفردية للأوضاع الكارثية(5). حيث
تلاحظ الدراسات ترافق هذه الأوضاع مع الانتشار الوبائي لبعض الاضطرابات النفسية
وأكثرها انتشارًا التالية:
- قلق الموت ( مخاوف
الموت الشخصي).
- الوساوس المرضية (الخوف
من الإصابة بأمراض مميتة).
- الفوبيا على أنواعها (مخاوف مرضية من الحرب والقصف والانفجارات ...إلخ).
- مظاهر اضطراب الشدة
عقب الصدمة.
- العلائم الاكتئابية المصاحبة لمشاعر الخسارة وللتهديد المستمر.
- قلق المستقبل.
- فقدان الشعور بجدوى
الفعل.
- ردود الفعل الفردية
أمام التغييرات الحاصلة بسبب الكارثة.
- تنامي احتمالات
انتكاسات الأمراض النفسية والجسدية.
- ظهور عوارض أو أمراض جسدية على علاقة بشدة الكارثة.
إن الانتشار الواسع
لهذه الاضطرابات يجعل من علاجها والوقاية منها هدفا رئيسيًا من أهداف التعامل مع
الأوضاع الكارثية. وبطبيعة
الحال فإن هذه الحاجات العلاجية تكون أكثر إلحاحًا في المجتمعات المتعرضة للكوارث
وللتهديد بصورة مباشرة.
دور الإعلام في
مواجهة الكوارث المعنوية
في هذه الحالات يلعب الإعلام دورًا من الدرجة
الأولى في كافة خطوات المواجهة. ومن مستويات الدور الإعلامي نذكر الرئيسية منها وهي:
- المساعدة على تقنين
الانفعالات: حيث تولد الكارثة ردود فعل انفعالية بالغة
لدى الجمهور. وهي انفعالات غير مدروسة وفاقدة للمعلومات
مما يستوجب تقنينها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح الذي يجنبها فوضى الانفعالات. وهي
فوضى قد تخلف أضرارًا أقسى من أضرار الكارثة نفسها. والإعلام هو المرشح الأول للعب
هذا الدور عبر مساعدة الجمهور على الاستبصار وتهيئته لمواجهة فوضى الانفعالات.
- التعامل مع الدعاية
والدعاية المضادة: وهو ما يسمى بالحرب النفسية الإعلامية.
حيث حساسية الموقف في وضعية الكارثة تجعل من أسلوب صياغة
الخبر صانعة لتوجهات الجمهور. مثال ذلك خبر سقوط انفرس
البلجيكية في الحرب العالمية الثانية. حيث صاغت الصحافة الألمانية الخبر على الشكل
التالي: ... استقبلت انفرس القوات الألمانية بقرعها
أجراس الكنائس. في حين صاغت الصحافة الإنجليزية الخبر كما يلي: بعد دخولهم انفرس أجبر الألمان رهبان انفرس
على قرع أجراس الكنائس.
- تثقيف الجمهور: في
حالة الكارثة يصبح الإفراج عن معلومات مكبوتة بعينها ضرورة لتحصين الجمهور ضد
المفاجآت المنطلقة من الإعلام المضاد على كافة الصعد
وبخاصة على الصعيد الإخباري.
- تحصين الجمهور: في
هذا المجال يتحمل الإعلام أعباء الوقاية الاجتماعية (نفسية وسياسية وصحية وغيرها).
وذلك انطلاقًا من واقعة أن الحدث المتوقع والمتخيل يكون
أقل وطأة وضررًا من الحدث المفاجئ وغير المتخيل.
هذه المحاور الأربعة
تلخص دور الإعلام في مواجهة الأوضاع الكارثية والتقليل
من أضرارها. وهذا الدور الإعلامي يجب أن يتكامل مع مختلف
الاختصاصات المعنية بهذه الأوضاع. حيث نعدد هنا الخبراء العسكريين والاستراتيجيين
والأطباء النفسيين وخبراء الدعاية والدعاية المضادة والمتخصصين في علاج صدمات
الحرب والأوضاع الإنسانية والاجتماعية التالية لها.
الكارثة العراقية
بغض النظر عن تلوينات الداخل العراقي وتناقضاته فإن الإنسان العراقي لا بد
له من استشعار وضعية الاحتلال بصورة سلبية. فالإنسان يستمد مشاعر أمنه واستقراره
من خلال شعوره بالقدرة على الفعل. وهو شعور متعارض تمامًا مع فكرة التبعية الاحتلالية.
هذه الحاجة الإنسانية
تؤكد عمومية المعاناة العراقية بغض النظر عن الانتماءات الفرعية داخل الجماعة (الشعب
ككل) العراقية. مما يدعونا إلى ضرورة الالتفات لمعاناة الإنسان العراقي بمعزل عن
عوامل التنافر العراقية. وهي عوامل لا ننكرها ولا نتجاهلها ولكننا نؤكد تقديم
المعاناة عليها جميعها مهما كانت حدتها ومحركاتها. ومن وجوه هذه المعاناة
الإنسانية التي تتطلب الدعم العاجل للمنظمات الإنسانية عابرة القارات نذكر التالية:
- تردي الأوضاع
المعيشية لدرجة العجز عن تأمين الغذاء والدواء والحاجات
الإنسانية الأولية والأساسية.
- صدمة
الفقدان، حيث أوقعت الحرب الأخيرة ضحايا تفوق الأعداد المعلنة إضافة إلى اكتشاف
ضحايا جدد من بين المساجين بعد سقوط النظام.
- الصدمة المعنوية،
وهي متعددة الصعد بحيث تطال كافة وجوه الانتماء وتهدد
الهوية العراقية تهديدًا يصل إلى حدود الشيزوفرانيا
الجغرافية ( شبح التقسيم).
- الخسائر المادية. وتطال
الممتلكات والأموال والأدوار الاجتماعية والسياسية
وإعادة التوزيع العشوائي لهذه العوامل. حيث طرحت فترة ما بعد الاحتلال تنظيمًا
انقلابيًا للمجتمع العراقي. بحيث غاب تمثيل الجماعات
العراقية الأساسية مع شلل قدرتها في الحفاظ على حقوقها وخيراتها.
- أجواء
التهديد المستمرة, حيث يعجز الاحتلال عن تأمين عوامل الأمن والاستقرار الاجتماعيين.
وحيث يهدد جنود التحالف حياة العراقيين مدفوعين بمشاعر
الخوف وتعاطي الكحول والمخدرات والعنصرية التي تخولهم حق القتل لمجرد الشعور
بالخوف. ومن الأمثلة على ذلك قتلى الأعراس العراقية
والنيران الصديقة.
- الفقدان الكلي
للرقابة العراقية على خيرات البلد وثرواته وأمواله، حيث جرى استجواب بريمر حول هذه المسائل في الكونغرس الأميركي وليس في هيئة
عراقية.
- التهالك الأميركي
على خيرات البلد وتوظيف الاحتلال لتمرير صفقات لصالح الشركات الأميركية وبخاصة تلك
التابعة لأثرياء إدارة بوش. وهي أمور تهدد الإنسان
العراقي في مستقبله, حيث يقدر للمديونية العراقية فترة وفاء لا تقل عن ثلاثين سنة.
- كل مظاهر الصدمات
النفسية المذكورة أعلاه.
هذه المعاناة، بمختلف وجوهها تدعو إلى ضرورة
التحرك لدعم الإنسان العراقي ومساعدته في مواجهة هذه المعاناة. حيث تشير الدراسات
العسكرية إلى إصابة أكثر من ثلثي السكان في مناطق الحرب
بصدمات نفسية ناجمة عن أهوال الحرب وشدائدها.
وكنا قد خبرنا هذا
الانتشار الوبائي لصدمات الحرب في مجتمع الحرب اللبنانية. وتشير خبرتنا إلى استمرارية
مظاهر هذه الصدمات بعد مرور عشرين عامًا على نهاية تلك الحرب. واستنادًا إلى هذه
الخبرة وخبراتنا المتبادلة في المجال مع الزملاء في فلسطين واليمن والكويت فإننا
نستطيع التأكيد على تعقيد الحالات الصدمية العراقية. إذ إن لهذه الحالات صفة التراكمية بدءًا من الحرب العراقية
الإيرانية مرورًا بحرب العراق الأولى والحصار والقصف المنتظم المرافق له وصولًا
إلى حرب العراق الأخيرة. وما تلاها من فوضى أمنية ونيران
صديقة وغيرها من مظاهر التهديد الذاتي وتهديد الأعزاء والسلب المعنوي لتاريخ
العراق وجغرافيته. عداك عن شبح الصراع الأهلي الذي يوحي به الاحتلال تلميحًا
للخروج من مأزقه.
--------------------------
المراجع والهوامش
1.مجموعة
من الباحثين: الصدمة النفسية – علم نفس الحروب والكوارث / دار النهضة العربية – بيروت
1991 http://psychiatre-naboulsi.com/moulifat/mouli8.html
2.محمد أحمد النابلسي:
العلاج النفسي للأسرى وضحايا العدوان/ مركز الدراسات النفسية – لبنان 2001 . http://psychiatre-naboulsi.com/moulifat/mouli10.html
3.محمد أحمد النابلسي:
الشخصية العربية في عالم متغير/ من كتابه العرب والمستقبليات./دار النهضة العربية
بيروت 1999. http://psychiatre-naboulsi.com/moutamarat/moutamarat21.html
4.الفن توفلر: تحول السلطة. http://mostakbaliat.com/link45.html
5.جماعة من الباحثين:
سيكولوجية الحروب العربية/ مجلة الثقافة النفسية المتخصصة- مركز الدراسات النفسية/يوليو 2003 . http://www.psyinterdisc.com/noindex.html.