حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات السياسية واستقلالها
بقلم :د . مجدي قرقر*
في نوفمبر 1976 تحول النظام السياسي
المصري من صيغة التنظيم السياسي الوحيد إلى صيغة التعددية الحزبية .. وخلال ثلاثين
عاما من هذا التحول ثبت أن هذه الصيغة لا تتعدى أن تكون تعددية حزبية مقيدة أو
أنها مازالت نظاما للحزب الواحد في قالب تعددي حيث مازالت هناك قيودا سياسية
وقانونية يفرضها قانون الأحزاب ولجنة شئون الأحزاب على تكوين الأحزاب والجمعيات
المهتمة بالسياسة كما أن هناك قيودا سياسية وقانونية على حرية حركة الأحزاب وعلى
حرية الصحف الناطقة باسمها.
ولقد جاءت
التعديلات الأخيرة – في نهاية الدورة البرلمانية السابقة 2000 / 2005 -على قانون
الأحزاب وعلى قانون ممارسة الحقوق السياسية مخيبة للآمال وتزيد من القيود المفروضة
على حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات السياسية واستقلالها.
-----------------------------------------------------------
وفي هذا الإطار تتعرض هذه الورقة
للقضايا التالية :
1. حرية تكوين الأحزاب وفق الدستور المصري والشرعة الدولية.
2. القيود القانونية
التي فرضها قانون الأحزاب – رقم 40 لسنة 1977 – على حرية تكوين الأحزاب وعلى
صحافتها الحزبية واستقلالها.
3. تقييم التعديلات الأخيرة لقانون الأحزاب – وتأثيرها
على حرية تكوين الأحزاب واستقلالها.
4. رصد لأهم الانتهاكات لحرية تكوين الأحزاب
5. رصد لأهم القيود
الواقعة على حرية حركة الأحزاب وأنشطتها السياسية والضغوط التي تتعرض لها صحافتها
الحزبية.
6. توصيات خاصة برفع القيود على حرية تكوين الأحزاب
واستقلالية حركتها.
------------------------------------------------------------
1- حرية تكوين
الأحزاب وفق الدستور المصري والشرعة الدولية.
يكفل الدستور
والقانون المصري والمواثيق الدولية حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات
السياسية واستقلالها :
أ - الدستور المصري :
حتى عام 1980 وقبل
تعديل دستور 1971 كان الاتحاد الاشتراكي هو التنظيم السياسي الوحيد في مصر .. ثم
عدلت المادة الخامسة من الدستور بناء على الاستفتاء الذي أجرى في مايو 1980 حيث
أصبحت تنص على " يقوم النظام السياسي في جمهورية
مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب السياسية وذلك في إطار المقومات والمبادئ
الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور" .
إضافة إلى المادة
الخامسة تعد المادة 55 من الدستور بمثابة الأصل العام لحرية التنظيم في الدستور
المصري والتي تنص على حرية تكوين الجمعيات بشكل أساسي
وبشكل ضمني حرية تكوين الأحزاب وتنص على أن "للمواطنين
حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها
معاديا لنظام التجمع أو سري أو ذات طابع عسكري" .
ب - قانون الأحزاب
السياسية. "
وقد
نظم القانون رقم40 لسنة 1977 وتعديلاته
نظام الأحزاب السياسية في مصر ، إذ تنص المادة
الأولى منه على أن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري حق الانتماء لأي
حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون .
وقد عرفت المادة
الثانية من هذا القانون الحزب السياسي بأنه كل جماعة منظمة تؤسس طبقا لأحكام هذا
القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية والديمقراطية
لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك
عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم.
ج - الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان:
أشارت المادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان على أن لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية ولا
يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما
"
د - اتفاقيات الأمم
المتحدة ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) :
أكدت المادة (22) من
العهد الدولي للحقوق المدنية الأساسية - والذي صدر عن الأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966
وبدأ تنفيذه في 23 مارس 1976 - على أن لكل فرد حق تكوين الجمعيات مع آخرين بما في
ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه .
*****
2- القيود القانونية التي فرضها قانون الأحزاب – رقم 40 لسنة 1977 – على
حرية تكوين الأحزاب وعلى صحافتها الحزبية واستقلالها.
حرية تكوين الأحزاب
حق دستوري كما أوضحنا .. ولقد حرص المشرع الدستوري على تقرير الحقوق والحريات في
صلب الدستور رغبة منه في تقييد سلطة المشرع العادي بحيث لا يستخدم القانون كوسيلة
لحرمان المواطنين من الحقوق والحريات والمقررة لهم
دستوريا .. ففي حين لم تحظر المادة 55 من الدستور تكوين الجمعيات وبالطبع الأحزاب
إلا في ثلاث حالات وهي أن يكون نشاطها معاد لنظام التجمع أو ذات طابع سرى أو عسكري
فإن الدستور لم يضع أي محاذير أخرى على تكوين الجمعيات والأحزاب ولكنه ترك تنظيم
هذا الحق بشكل أكثر تفصيلا للقانون.
وجاء القانون 40 لسنه
1977 ليفرغ هذا الحق من محتواه بأن انتقص من الحق الذي أقره الدستور فبدلاً من أن
يتحول النظام الأساسي في مصر هو التعددية الحزبية أصبح الأساس التعددية الوهمية أو
الظاهرية ووضع القانون الكثير من الشروط والعراقيل في وجه كل حزب جديد كما أقر
شروط بالغة الصعوبة ضمنها بالمادة الرابعة من القانون ونذكرها فيما يلي :
أولاً: - يشترط
لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي عدم تعارض مقوماته أو
أهدافه..مع:-
1- مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر
الرئيسي للتشريع.
2- مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
3- الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام
الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: - تميز برامج الحزب السياسي وسياساته و أساليبه في تحقيق هذا
البرنامج تميز ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ثالثا:- عدم قيام
الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو أعضائه على
أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنه 1978 بشـأن حماية الجبهة الداخلية
والسلام الاجتماعي أو على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس
التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة.
رابعاً:- عدم قيام
الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي في الخارج وعدم ارتباط الحزب أو تعاونه مع أي
أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو
القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في البند التالي:
خامساً:- عدم انتماء
أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباط الحزب أو تعاونه مع أية أحزاب أو تنظيمات
أو جماعات أمور سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام
المنصوص عليها في البند التالي.
سادساً:- عدم انتماء
أي من مؤسسي أو قيادات الحزب وارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات
معادية أو مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند أولاً من هذه إعادة أو في المادة
3 من هذا القانون أو في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنه 1978 المشار إليه أو
المبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم
الدولة بتاريخ 20 إبريل لسنه 1979.
سابعاً:- ألا يكون من
بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جديه على قيامه بالدعوة أو المشاركة في
الدعوة أو التحبيذ أو الترويح بأي طريقة من طرق العلا نية أو الاتجاهات أو أعمال
تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق
ثامنا:- ألا يترتب
على قيام الأحزاب إعادة تكوين أي حزب من الأحزاب التي خضعت للمرسوم رقم (27) لسنة 1953
بشأن حل الأحزاب السياسية
تاسعا:- علانية مبادئ وأهداف وبرامج ونظام وتنظيمات
وسياسات ووسائل وأساليب مباشرة نشاط الحزب وعلا نيته وتشكيلاته وقياداته وعضويته
ووسائل ومصادر تمويله وسوف نتعرض لبعض الشروط كلا على حدي كالآتي
وتعلق الأستاذة مها
يوسف المحامية
بند أولاً الفقرة (1)
: وهى معدلة بالقانون رقم144لسنة1980 والتي تنص على "عدم
تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها
مصدرا رئيسيا للتشريع " وقد جاء تعديل هذه المادة إعمالا للتعديل الدستوري
للمادة الثانية من الدستور والتي تنص على "الإسلام
دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدر
للتشريع" والشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع المصري كما نص الدستور في مادته
سابقه الذكر
بند أولاً الفقرة (2)
: تشترط عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو
أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ ثورتي يوليه لسنه 1952 و 15 مايو 1971" وهذا
القيد يحد إلى مدى بعيد من حريتي الفكر والرأي و............ وهذا ينتج عنه وضع
مصر في حالة جمود مع إيقاف الزمن فالواقع السياسي يتغير من وقت لأخر وما كان يوافق
مصر عام 1952 لا يوافقها الآن وبذلك يكون هذا النص قد أثبت فشله بوقوفه في وجه
التغير والتطوير والزمن وإذا ما رجعنا مبادئ ثورة 23 يوليو1952 أو 15مايو 1971 نجد
كثير من التحولات والتطور قد طرأ على الفكر المصري السياسة المصرية فمثلاً قد
تحولت مصر من الحزب الواحد المنصوص عليه في مبادئ الثورتين إلى التعددية الحزبية
وتحاول مصر الآن التحول من النظام الاقتصادي الموجه إلى النظام الاقتصادي
الليبرالي أي أن مبادئ الثورتين تتغير فهل يتصور أن يظل هناك نص يحرم أحد الأحزاب
من الوجود لمجرد أنه لا يتفق مع مبادئ الثورة؟
وهذا غير أن أي ثورة تقوم على المطالبة بالتغير لنظام الحكم السائد أو حتى
تصحيح بعض ممارساته والأوضاع المتواجدة داخل البلاد وأن هذه الأفكار الثورية التي
أتى بها الثوار ما هي في النهاية إلا أفكار بشرية ناتجة
عن مجموعة من الأفراد تخضع لقاعدة الصواب والخطأ تبعاً لما يرتئيه المخاطبون بها ومن ثم فإنه يعد قابلاً للتعديل والتغير بما يناسب حاجات
مجموعة الأفراد المعتبرين التي تختلف من وقت لأخر وهذا القيد يضرب نوع من القداسة
على تجارب بشرية يعتريها الطابع البشري من صواب وخطأ
البند أولاً الفقرة 3: - "الحفاظ على الوحدة
الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية"
والملاحظ أن السلطة استخدمت هذه التعبيرات الفضفاضة في اتهام خصومها ونشاطهم
المعارض أو الاحتجاجي بأنه يمثل "تهديدا" للوحدة الوطنية والسلام
الاجتماعي. فليس ثمة تعريف أورده القانون للمقصود بتلك العبارات مما يفتح الباب
على مصراعيه للتأويل التحكمى لمعانيها وإدراج أي نشاط معارض لا ترضي عنه السلطة
تحت طائلة القانون
والجزء الثالث من هذه الفقرة هو الحفاظ على النظام
الاشتراكي والمكاسب الاشتراكية في حين أن السلطة نفسها أقدمت على تطبيق سياسات
اقتصادية وإصدار تشريعات تمس بعمق ما يسمي (المكاسب الاشتراكية) مثل تشريعات العمل
وسياسة الانفتاح وبيع القطاع العام.. الخ فما معنى إلزام
المعارضة بما لم تلتزم به السلطة؟! أو ليس اسم الحزب
الحاكم نفسه (الوطني الديمقراطي) يمكن أن يعد تخليا عن التمسك بالنظام "الاشتراكي".
بند ثانياً: "تميز برامج الحزب وسياساته أو
أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى"
هذه المادة مستبدلة بقرار بقانون رقم 36 لسنه 1979،
وهذا القيد تعسفي ولا سند له في المنطق القانوني. فمجرد التشابه في البرامج لا
يبرر رفض إنشاء حزب لأن العبرة ليس في البرامج فقط إذ يمكن لأي جماعة تدبيج برنامج
يكسبهم تأييد جماهيري دون أن يكون لديهم النية في الالتزام به فعلا، أو قد تكون
جماعه أكثر جديه أو المصداقية – ناهيك أن هذا البند يضع شروط مستقبلية لقبول
بتأسيس حزب، وهو شرط "أساليب تحقيق" البرنامج فتلك مسألة تتعلق
بالمستقبل ولا تظهر عملا إلا بعد إنشاء الحزب ومن ثم لا يمكن تقييد فعل راهن – إنشاء
الحزب – بشرط مستقبلي
وقد قررت المحكمة
الإدارية العليا إحالة الطعن في دستورية هذا الشرط إلى المحكمة الدستورية العليا
في 4 مايو 1985 بعد أن تراءى لها عدم دستوريته غير أن المحكمة الدستورية قضت في
جلستها بتاريخ 7 مايو 1988 بدستورية هذا الشرط استنادا إلى أن قانون الأحزاب
السياسية لم يشترط أن يقع التميز الظاهر في مبادئ وأهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو
استمرار .. "بل جاء الشرط مقصوراً على برنامج الحزب وسياساته وأساليبه التي
يسعى بها لتحقيق مبادئه وأهدافه ضماناً للجدية وحتى
يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقة تسانده وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل
السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعما
للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية
والاقتصادية والاجتماعية وتوسعه لنطاق المفاضلة بينها واختبار أصلح الحلول وأنسبها"
وقد أوضحت المحكمة في أخر الحكم أن النص على هذا البند في قانون الأحزاب السياسية
التي صدر القانون منظماً لها دون أن يميز في مجال تطبيقه بين حزب وأخر الأمر الذي
يتحقق به مبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة لدى القانون اللذان قررهما الدستور في
المادتين 40، 8 منه غير أن هذا الحكم يظل قاصرا عن معالجة المشكلات العملية التي
يثيرها تطبيق هذا الشرط فقد أسندت لجنة شئون الأحزاب على دستورية هذا الشرط وبالغت
في رفض أغلب الطلبات التي قدمت لها فقررت اللجنة رفض قيام حزب الخضر المصري والحزب
الاتحادي الديمقراطي وحزب مصر الفتاة الجديد بحجة هذا البند أي بحجة عدم تميز
برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً وقد حاولت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة
الأولى وهى الدائرة المختصة وفقاً للمادة 8 من هذا القانون أن أخفق من حدة استخدام
لجنة شئون الأحزاب لهذا الشرط فوضعت بعض القيود على لجنة شئون الأحزاب مثل أن يكون
تشابه بين الأحزاب في الأمور التي حددها الدستور والأخذ بالتفسير الواسع لتميز
برنامج الحزب ولكن هذا لم يوقف اللجنة عن
حرمان بعض المجموعات السياسية من حقها في تكوين حزبها وهذا الشرط قادر على جعل
مبدأ التعددية الحزبية مبدأ وهمي.
بند ثالثاً: "عدم
قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو أعضائه
على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنه 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية
والسلام الاجتماعي أو على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس
التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة"
ويمكن تقسيم الشروط
الموجودة في هذه المادة إلى :
• عدم قيام الحزب
في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته أو أعضائه على أساس
يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنه 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام
الاجتماعي.
وقد أضيفت هذه الفقرة
بموجب القانون 36 لسنه 1979 ضمن العديد من الإجراءات التشريعية التي أريد بها الحد من شدة المعارضة السياسية ومن بينها القانون المعروف
باسم "حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي ولعل هذا القانون أو القيد
يعد أبعد القيود عن الدستورية فلقد تم استفتاء شعبي على مبادئ ستة تضمنها القرار
الجمهوري رقم 214 لسنه 1978 وبموافقة الشعب عليه صدر تطبيقاً لذلك القانون رقم 33
لسنه 1978 المعروف باسم حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وقد تضمن هذا
القانون في مادته الأولى بيان الأفعال التي يحظرها ثم تضمن في باقي نصوصه أحكام "العزل
السياسي" التي أرادها على الأشخاص الذين لا يجوز لهم الاشتراك في الحياة
السياسية والعامة .. وفى الواقع فإن
المشرع في البند الثالث قد توسع بإسناد حرية تكوين الأحزاب على قانون حماية الجبهة
الداخلية والسلام الاجتماعي وقد ألغى هذا القانون بناء على القانون رقم 221 لسنه 1994
وجاءت المادة الرابعة منه وأقرت بأن تلغى الإحالة إليه أينما وردت في القانون رقم 40
لسنه 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية أو في أي قانون أخر وقد كان هذا القانون
سيئ السمعة فقد أطلق عليه (قانون العزل السياسي)
وقد أستمر العمل به من 1978 إلى 1994 أي على مدار ستة عشر عاماً
• عدم قيام الحزب في مبادئه على أساس طبقي
أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب
الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة.
أن هذا الشرط يحتوى
على أكثر من مشكلة فيلاحظ أن القانون يمنع قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في
نشاطه أو اختيار قيادته أو أعضائه على أساس طبقي وهو ما يعنى عدم قانونية قيام حزب
عمالي وأيضا يحظر القانون قيام الأحزاب على أساس التفرقة بسبب الدين أو العقيدة
فإن هذا النص إن كان واضعة قد أراد فيما بعد وضع قيام حزب إسلامي إلا أن تفسير النص
لا يؤدى بالضرورة إلى هذا المعنى فهو لا يمنع في تقديرنا من قيام حزب إسلامي
عضويته مفتوحة لكل من يؤمن بمبادئه السياسية وبرامجه وذلك من ناحية لأن الإسلام لا
يقيم تفرقة بين المواطنين وإنما يقيم المساواة بمفهوم إسلامي ومن ناحية أخرى لأن
الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بنص الدستور فليس ثمة ما يمنع من
قيام حزب مراده الأساس هو تطبيق الشريعة الإسلامية ونؤكد على أنه لابد أن يكون
برنامجه وأساليب تحقق شرط أن يكون مفتوحاً لكل من يقبل هذا البرنامج دون تفرقة
بسبب الدين وهذا بالطبع له من التأثير
السيئ على عزل بعض الجماعات السياسية مما يجعلها تلجأ للعمل السري مما يؤدى إلى
التطرف.
بند سادساً: "وعدم
انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو
جماعات معادية أو مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند الأول من هذه المادة أو
من المادة 3 من هذا القانون أو في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنه 1978
المشار إليه) وللمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء على معاهدة السلام
وإعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20 إبريل سنة 1979"
ويمكن تقسيم هذه
المادة إلى :
• المبادئ التي
سبق ورودها في البند أولاً من المادة الرابعة وهو المتعلق باشتراط الشريعة
الإسلامية ومبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 و 15 مايو سنة 1971 والحفاظ على الوحدة
الوطنية والمكاسب الاشتراكية والسلام الاجتماعي.
• القيد الثاني
المتعلق بالمادة الأولى من القانون رقم 33 لسنه 1978 وهو القانون الخاص بحماية
الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وقد ألغي هذا القيد بإلغاء ذلك القانون
بالقانون رقم 221 لسنه 1994
• القيد الثالث المتعلق باتفاقية السلام
والتي استفتى عليها الشعب وقد كان ذلك الشرط من أوضح القيود المتعلقة بحرية الرأي
والتعبير وهو ما لم يرد النص عليه في دولة الطرف الأخر من هذه المعاهدة وهي
إسرائيل وأشار البعض أن المواطن الذي يعرف
عنه رفضه لمعاهدة السلام لا لكراهيته لمبدأ السلام مثلا وإنما لاعتقاده أن مصر قد
أعطت أكثر مما أخذت فيكون هنا المواطن طبقا لهذه البنود لا يستطيع أن يكون من
مؤسسي أو من قيادات أي حزب سياسي يريد أن ينشأ في مصر والعكس بالطبع ليس صحيحا
فرئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير قد صوت ضد
اتفاقية كامب ديفيد وقد كان في وقتها رئيس الكنيست
الإسرائيلي ورفضه هنا لم يحرمه من أن يتولى مناصب كبيرة في الحكومة فهذه الشروط
ترهن المستقبل لصالح الماضي وهو ما يخالف تماماً فكرة التعددية الحزبية
بند سابعاً: "ألا
يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامة بالدعوة أو المشاركة
في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأي طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو
أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق"
وقد تعرضت المحكمة
الدستورية العليا لهذا البند في القضية رقم 44 لسنه 7 ق – د) بجلسة 7/5/1988
كالتالي لا مؤدى النص في البند سابعاً من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنه 1977
الخاص بنظام الأحزاب السياسية فيما يتضمنه من اشتراط ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو
قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامة بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو
الترويج بأية طريق من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة
السلام بين مصر وإسرائيل التي وافق عليها الشعب في استفتاء بتاريخ 20/4/1979 هو حرمان
فئة من المواطنين من حقهم في تكوين الأحزاب السياسية حرماناً أبدياً وهو حق كفله
الدستور حسبما يدل عليه لزوما نص المادة 5 منه وقد رتب النص المطعون عليه في شق
منه هذا الحرمان على اخذ هؤلاء الأشخاص بآرائهم التي تتعارض مع معاهدة السلام بين
مصر وإسرائيل فإن هذا النص يكون قد انطوى على إخلال بحريتهم في التعبير عن الرأي
وحرمانهم حرمانا مطلقا ومؤبداً من حق تكوين الأحزاب السياسية بما يؤدى إلى مصادرة
هذا الحق تكوين الأحزاب السياسية وإهداره ويشكل بالتالي مخالفة المادتين، 47 من
الدستور"
وقد استندت المحكمة
الدستورية العليا في حكمها بعدم دستورية هذا الشرط إلى الأسباب التالية:
1-أن
حرية الرأي ضرورة لازمة لمباشرة الحقوق السياسية وفى مقدمتها حق تكوين الأحزاب
والانضمام إليها وحق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء
2-أن حرية الرأي تعد
من الدعامات الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرة ومن ثم فقد حرصت
الدساتير المصرية على تأكيدها وقد شمل الدستور حرية الآراء السياسية برعايتة من خلال الضمانات التي قررها بشأن حرية الصحافة
واستقلالها في أداء رسالتها وحظر الرقابة عليها أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها
بالطريق الإداري
3-إذا كانت قواعد
القانون الدولي العام تملي على الدول احترام التزاماتها بموجب المعاهدات الدولية
التي تصدق عليها فإن ذلك لا يضفي على المعاهدة حصانة تمنع المواطنين من مناقشتها
ونقدها ولا يجوز أن يكون استعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور كحق إبداء الرأي
في استفتاء سببا في حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى قررها.
أ - تشكيل لجنة شئون الأحزاب واختصاصاتها:
لم يكتف القانون 40
لسنة 1977 بالقيود التي وضعها على تكوين الأحزاب ولكنه جعل الأحزاب تحت الوصاية
الإدارية للجنة شئون الأحزاب وهي لجنة حكومية في تشكيلها مما يجعل جميع الأحزاب
المعارضة تحت وصاية الحزب الحاكم الذي يشكل الحكومة ولجنة الأحزاب بالتالي :
طبقا للمادة الثامنة
من قانون الأحزاب عام 1977 وطبقا للقانون رقم36 لسنه 1979 والقانون رقم 144 لسنه1980
بتشكيل لجنة لشئون الأحزاب على النحو التالي: رئيس مجلس الشورى - وزير العدل - وزير
الدولة لشئون مجلسي الشعب والشورى - وزير الداخلية - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي
حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم ويصدر قرار باختيارهم
من قبل رئيس الجمهورية.
ولصحة اجتماعات
اللجنة يجب حضور الوزراء الثلاثة وبذلك يكون وجودهم حتمياً لصحة ما يصدر من قرارات
عن اللجنة وبالتالي فإن ما يصدر من قرارات لابد وأن يتفق ورغبة الحكومة وآرائها في
هذه الأحزاب المراد إنشائها لأن اللجنة طابعها الأصلي طابع حكومي مهيمن وهدام كفله
القانون فاللجنة تضم رئيس مجلس الشورى وثلاثة من الوزراء وجميعهم أعضاء بالحزب
الحاكم .. ولم يكن على سبيل المصادفة أن وزير الدولة لشئون الشعب والشورى – الأستاذ
كمال الشاذلي قبل خروجه من التشكيل الوزاري في ديسمبر 2005 – قد جمع بين عضوية
اللجنة ومنصبة كأمين للتنظيم في الحزب الوطني الحاكم إلى جانب ثلاث أعضاء آخرين
يختارهم رئيس الجمهورية الذي يرأس في نفس الوقت الحزب الحاكم.
وقد أعطى المشرع
الكثير من الحقوق للجنة شئون الأحزاب فأعطاها شكل يشبه محاكم التفتيش فاللجنة في
سبيل مباشرة اختصاصها بفحص ودراسة طلبات التأسيس لها أن تطلب المستندات والأوراق
والبيانات والإيضاحات التي ترى لزومها من ذوى الشأن في المواعيد التي تحددها لذلك
ولها أن تطلب أية مستندات أو أوراق وبيانات أو معلومات من أية جهة رسمية أو عامة
وأن تجرى ما تراه من بحوث بنفسها أو عن طريق لجنة فرعية منها وأن تكلف من تراه من
الجهات الرسمية بإجراء أي تحقيق أو بحث أو بدراسة لازمة للتوصل إلى الحقيقة وتقوم
اللجنة بإبلاغ كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى والمدعى الاشتراكي بأسماء المؤسسين
ويتولى كل من رئيس المجلسين بإعلان تلك الأسماء في أماكن ظاهرة في كل من المجلسين
لمدة شهر وكما يتولى المدعى الاشتراكي نشرها في ثلاث جرائد "قومية" صباحية
يومية ثلاث مرات كل أسبوع ليتقدم كل من يرد الاعتراض على أي من تلك الأسماء إلى
رئيس لجنة شئون الأحزاب باعتراضه مؤيداً بما لديه من مستندات (المادة 8) من ذوى
الشأن أو من الغير وإجراء تحقيق بل ونشر أسماء في لوحات الإعلانات في المجلسين
والدعوة لتقديم اعتراضات التي توجه اتهامات لتعرض على جهة غير قضائية ولا يعد
ضمانة في هذا الشأن القول بأن الاعتراض يكون مؤيداً بالمستندات فالمشرع لم يتطلب
بالضرورة أن يقدم المعترض مستندات وإنما يطالبه بتقديم ما عنده من مستندات وقد لا
يكون لديه شيء وبهذا يكون هذا النص لا يتفق مع حقوق الإنسان
ب- طرق الطعن على
قرارات لجنة شئون الأحزاب :
حيث أن لجنة شئون
الأحزاب لجنة إدارية فإن جهة الاختصاص الأصيلة في الطعن على قراراتها هي محكمة
القضاء الإداري وذلك منصوص عليه في المادة الثامنة من قانون الأحزاب رقم 40 لسنه 1977
ولكن صدر قرار بقانون رقم36 لسنة 1979 فغير هذا الأصل فأصبحت جهة الاختصاص هي
الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة والتي تقرر
لها تشكيلاً استثنائيا بأن ينضم إلى تشكيل المحكمة عدد مماثل من أعضاء مجلس الشعب
يختارهم المجلس في بداية كل دورة من بين أعضائه ووفقاً لقواعد يضعها المجلس .. وعندما
انتقد هذا الوضع تم تعديل ذلك بالقانون رقم 30 لسنه 1981 والذي وضع عدد من
الشخصيات العامة بدلا من أعضاء مجلس الشعب ويصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد
موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة المنظمة
وفقا لحكم المادة 28 من القانون رقم 95 لسنه1980 بشأن حماية القيم من العيب ولكن
هذا التعديل لم يضع حد لأي من الانتقادات إلا الخاص بالفصل بين السلطات وبهذا
إخلال بحق الأحزاب في التقاضي الطبيعي أمام هيئة قضائية وبما يمكنها من التقاضي
على درجتين فقد وضع القانون قرارات هذه الدائرة الاستثنائية موضع النهاية ولا يجوز
استئناف قراراتها أو الاعتراض عليها.
ج - الشروط الشكلية
لتكوين الأحزاب:
ينص قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وفى المادة
السابعة المعدلة بموجب القانون 144 لسنة 1980 على أن "يجب تقديم إخطار كتابي
إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة عن تأسيس الحزب
موقعاً عليه من خمسين عضو من أعضائه المؤسسين ومصدقا رسميا على توقيعاتها على أن
يكون تصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وترفق بهذا الأخطار جميع المستندات
المتعلقة بالحزب خاصة نظامه الداخلي وأسماء أعضائه المودعة به واسم من ينوب عن الحزب في إجراءات تأسيسه
ويعرض الإخطار
عن تأسيس الحزب على اللجنة المشار إليها في الفقرة السابقة خلال خمسة عشر يوما من
تاريخ تقديم هذا الأخطار".
فبذلك يكون المشرع قد رهن تمتع الحزب بالشخصية
الاعتبارية على قرار لجنة شئون الأحزاب.
وقد قرر القانون 40
لسنة 1977 بعد تعديله بموجب القانون رقم 36 لسنة 1976 على أن الحزب لا يتمتع
بالشخصية الاعتبارية إلا بعد موافقة لجنة شئون الأحزاب ونشر قرارها في الجريدة
الرسمية أو صدورها من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء القرار الصادر من اللجنة
بالاعتراض على تأسيس الحزب وقرر القانون انه لا يجوز لمؤسس الحزب ممارسة أي نشاط
حزب أو أجراء أي تصرف باسم الحزب إلا في الحدود اللازمة لتأسيسه.
وبعد كل هذا يسمي المشرع نظام تكوين
الأحزاب في مصر بنظام الإخطار وقد غير معنى الكلمة حتى أضفى عليها معنى كلمة ترخيص
فالقانون يشترط شروط شديدة الوطأة لتطويق الأحزاب وقد ذكرناها سبقاً وهى فضفاضة
وغير دقيقة مما يترك للجهة المختصة "لجنة شئون الأحزاب" سلطة التحقق
منها وتقديرها ومن ناحية أخرى فان القانون لا يجيز لمؤسس الحزب مزاولة النشاط
الحزبي بمجرد مضى المدة المقررة فيه كما يقضى نظام الإخطار وإنما اعتبر مرور المدة
وهى أربعه أشهر دون صدور قرار من اللجنة بمثابة اعتراض وهذا بناء على المادة
الثامنة من قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وبذلك يكون المشرع قد أرجع حرية تكوين
الأحزاب إلى نظام الترخيص المسمى بالإخطار وهذا لا يتفق مع النظام الديمقراطي ولا
يتفق أيضا مع مبادئ التعددية الحزبية وحرية تأسيس الأحزاب يقتضى بالدرجة الأولى أن
تنشأ الأحزاب السياسية دون حاجة إلى الحصول على ترخيص أو إذن مسبق من أي جهة
إدارية.
ونأتي إلى شرط
من أهم الشروط الشكلية غير المبررة وهو القيد المتعلق بأن يكون 50% من الأعضاء
المؤسسين للحزب من العمال والفلاحين.
تخصيص نسبة 50% من
مقاعد التنظميات السياسية الشعبية فكرة أتى بها ميثاق العمل الوطني .. ونزولا على ذلك تقرر لأول مرة
بموجب دستور 1964 أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل من الأعمال والفلاحين
كما ورد نفس الحكم في دستور 1971 في المادة (5) قبل تعديلها وكذلك في المادتين 7، 8
التي اشترط أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين والمادة 196 التي
وضعت نفس الشرط يتعلق بمجلس الشورى.
وإذا كانت الفكرة التي يستند لها هذا
الشرط "فكرة تحالف قوى الشعب العاملة" وهى فكرة معروفة في الأنظمة
الاشتراكية فان شرط الـ (50% عمال وفلاحين) في حد ذاتها
فكرة مصرية خالصة تنفرد لها مصر دون سائر دول العالم حتى الدول الاشتراكية لم
يتضمن دستورها مثل هذا النص الذي يثير الكثير من التحفظات على أسباب تقريره والتي
وجدت لها صدى في إثناء المناقشات البرلمانية المتعلقة بقانون الأحزاب .. وذلك أن الدستور اشترط هذه النسبية في
المجالس النيابية فحسب .. والمجالس المنتخبة في التنظميات الشعبية أو السياسية والحزبية ليست من هذه الهيئات
بل هي عقيدة تجمع بين لفيف من الناس لنشر فكرة على المجتمع كله .. إن هذا الشرط
يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات
د - قيود على نشاط واستقلال الأحزاب:
لم يكتف القانون 40 لسنة
1977 بالقيود التي وضعها على تكوين الأحزاب والتي تجعل من الأمر في غاية الصعوبة
بل وضع قيوداً ثقيلة على نشاط الأحزاب أيضاً بما يمكن أن تعتبر الأحزاب تحت
الوصاية الإدارية أو السياسية طبقا لما يلي :
د-1- حل الحزب :
صدر القانون 40 لسنة 1977 متضمناً نص المادة 17
التي تعطى للجنة الأحزاب الحق في طلب حل الحزب حكمها كالتالي:
"يجوز لأمين
اللجنة المركزية بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) أن يطلب من محكمة
القضاء الإداري حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال
وذلك لأحد الأسباب الآتية:
أولاً: فقد شرط من
شروط التأسيس المنصوص عليها في المادة (4).
ثانياً: صدور حكم
نهائي بأداته قيادات الحزب كلها أو بعضها في جريمة من الجرائم المخلة بالوحدة
الوطنية أو تحالف قوى الشعب العاملة أو السلام الاجتماعي أو بالنظم الاشتراكي
الديمقراطي وذلك إذا كانت الجريمة قد وقعت بسبب أو بمناسبة مباشرة هذه القيادات
لنشاط الحزب أو تصرفاته.
كما يجوز لأمين اللجنة المركزية بعد موافقة
اللجنة المركزية أن يطلب من تلك المحكمة بصفة مستعجلة وقف نشاط الحزب أو أي قرار
من قراراته لأحد الأسباب المشار إليها وذلك إلى حين الفصل في طلب حل الحزب.
وتعلن عريضة الطلب في
أي من الحالات السابقة شاملاً الأسباب التي تستند عليها إلى رئيس الحزب خلال أربع
وعشرين ساعة من تاريخ إيداعها سكرتارية المحكمة ويجب على المحكمة أن تفصل خلال
خمسة عشر يوماً في طلب وقف نشاط الحزب أو أحد قراراته.
(وعلى
المحكمة أن تفصل في طلب حل الحزب وعلى وجه السرعة)
وبذلك يكون القرار
للجنة شئون الأحزاب السياسية في مصر، فإما أن تطلب حل الأحزاب من المحكمة المختصة
وهي المحكمة الإدارية العليا؛ دائرة الأحزاب السياسية؛ وبنفس التشكيل السابق الذي
تناولناه في نقد المادة 8 من القانون. مما يجعل قرار حل
أي حزب في يد محكمة ليس لها الطابع القضائي الكامل لأنها تحتوي على عناصر غير
قضائية في تشكيلها.
وترجعنا هذه المادة
إلى ما سبق أن ذكرناه في شروط تكوين الأحزاب لأنها توقف الحل على أن يتخلف أي شرط
من شروط تأسيس الحزب بعد أن أصبح له كيان وشخصية قانونية وبهذا يكون هناك نقد موجه
إلى هذه المادة على أساس أن عبارتها مطاطة وإنشائية والقيود غير موضوعية وغير
واضحة .
وإذا تعرضنا للسبب
الثاني الذي نصت عليه المادة سابقة الذكر وهو أن يصدر حكم بإدانة قيادات الحزب
بجرائم مخلة بالوحدة الوطنية أو تحالف قوى الشعب العاملة أو السلام الاجتماعي أو
النظام الاشتراكي وقد آثار هذا النص حفيظة الكثيرين فقد طرح العقوبات وماذا يقصد
بكل واحدة من هذه الجرائم وقد تسائل أعضاء مجلس الشعب
نفس التساؤلات عند مناقشة القانون فتصدى للرد وكيل مجلس الشعب آنذاك مستعرضاً
مضمون تلك الجرائم مؤكداً أنها تحولت إلى نصوص قائمة بالفعل في القانون المصري
ومقرر لها عقوبات وارده في قانون العقوبات وتسائل البعض
عما إذا كان يوجد في قانون العقوبات جرائم تسمى بجريمة الإخلال بالوحدة الوطنية أو
غيرها من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة فأجاب أننا لا نبتدع الجرائم وقانون
العقوبات به جرائم محددة ينطبق عليها وصف الجرائم السابقة على أن الأمثلة التي
أوردها تأكيداً لأن هذه الجرائم منصوص عليها في القوانين المصرية ومقرر لها عقوبات
بمقتضى أحكام قانون العقوبات لا يمنع أن صياغتها جاءت ركيكة وإن الغموض يحيط بأركانها
ومما يزيد الأمر خطورة إن هذه الجرائم إذا تسببت إلى بعض قيادات الحزب أو أعضائه
فإن هذا يكفي لحل الحزب أو وقف نشاطه كاملاً أو سحقه أو بعض قراراته.
د-2- وقف نشاط الحزب
أو صحيفته أو بعض قراراته:
تنص المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية 40
لسنة 1977 أن للمدعى الاشتراكي أن يجرى تحقيقاً يقرر على آثره أن الحزب أو بعض
قيادته أو أعضائه قد خرج على المبادئ المنصوص عليها في المادتين 3، 4 من القانون
وحينئذ يكون للجنة شئون الأحزاب أن توقف إصدار صحف الحزب أو نشاطه أو أي تصرف أو
قرار من قراراته وبهذا يكون المشرع قد ارجع شروط وقف الحزب على الشروط تكوين الحزب
وترك الأمر أيضاً في يد لجنة شئون الأحزاب فينطبق على هذه المادة نفس الانتقادات
التي وجهت إلى شروط التكوين من قبل ولكن المشرع أضاف إلى ذلك أن خروج أحداً وبعض
أعضاء الحزب على هذه الشروط ولا يلزم أن يكون من قيادته يكون أيضاً نتيجة هو وقف
الحزب وهذا ولا شك يعنى وقف نشاط جميع الأحزاب السياسية لأنه لا يوجد حزب إلا وفيه
عضو يحبذ أو يروج لاتجاهات يرى المدعى الاشتراكي أنها لا تتفق مع هذه المبادئ
العامة الفضفاضة التي أشار إليها القانون
هـ - شروط الانتماء
لعضوية أي حزب سياسي :
تتناول المادة
السادسة من قانون الأحزاب الشروط الواجبة
للانتماء لحزب سياسي :
1- أن يكون مصريا
فإذا كان متجنساً وجب أن يكون قد مضت على تجنسه عشر
سنوات على الأقل ، ومع ذلك يشترط فيمن يشترك في تأسيس الحزب أو يتولى منصباً
قيادياً فيه أن يكون من أب مصري.
2- أن يكون متمتعا بحقوقه السياسية كاملة ولا تنطبق عليه أحكام أي
من المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار إليه.
3- ألا يكون من أعضاء
الهيئات القضائية أو من ضباط أو أفراد القوات المسلحة أو الشرطة أو من أعضاء
الرقابة الإدارية أو المخابرات العامة أو من أعضاء السلك السياسي أو القنصلي أو
التجاري .
*****
3- تقييم التعديلات
الأخيرة لقانون الأحزاب – لسنة 2005 – وتأثيرها على حرية تكوين الأحزاب واستقلالها.
أظهرت دراسة ميدانية أجرتها جماعة تنمية
الديمقراطية في إبريل 1997 لعدد 112 نائب بمجلس الشعب بينهم 100 عضو من المنتمين
للحزب الوطني , 12 نائب ينتمون إلى أحزاب المعارضة
والمستقلين .. وعند سؤال أفراد العينة ( 112 نائب ) عن أهمية تعديل قانون الأحزاب
اتفق 55.4 % منهم على ضرورة تعديله بينما رأى 44.6 % عكس ذلك .
وبسؤال اللذين رفضوا فكرة التعديل ( أغلبهم
بالقطع إن لم يكونوا جميعا من الحزب الوطني ) عن أسباب رفضهم لتعديل القانون كانت
الإجابات كما يلي :
74.00 % يرون كفاية
القانون القائم وإعطاؤه فرصة كاملة للأحزاب
12.00 % يرون بعدم
وجود تجربة حزبية حقيقية
8.00 % يتخوفون من
زيادة عدد الأحزاب بصورة مخيفة !!!
2.00 % يرون أن
الأحزاب تعيش عصرها الذهبي !!!
2.00 % يرون أن قانون
الأحزاب مرتبط بالدستور
4.00 % لم يدرسوا قانون الأحزاب بشكل كاف
وبسؤال اللذين وافقوا
على التعديل ( 55.4 % من حجم العينة وهم في الغالب من المعارضة والمستقلين ولكن
يبقى أن أغلبهم من الحزب الوطني ) عن أهم التعديلات التي يرون إدخالها على قانون
الأحزاب كانت الإجابات كما يلي :
40.2% يرون تعديل تشكيل لجنة شئون الأحزاب بإضافة عناصر قضائية
وتقليل العناصر التنفيذية
17.7% يرون إلغاء لجنة شئون الأحزاب
17.7% يرون إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية
16.1% يرون إلغاء شرط
تمايز الحزب عن غيره من الأحزاب السياسية
14.5% يرون تخفيف القيود المفروضة الأحزاب السياسية
9.70% يرون بجعل الطعن في قرارات رفض الترخيص أو حل الحزب من اختصاص
المحكمة الدستورية
8.10% يرون بألا يسمح
لأي حزب بالتواجد إلا إذا كان له قاعدة شعبية
كان هذا موقف
نواب مجلس الشعب في برلمان ( 1995 – 2000 ) والذي مثل فيه نواب الحزب الوطني نسبة 90.10
% .. فماذا كان موقف نواب مجلس الشعب في برلمان (2000 – 2005
) والذين وافقوا على تمرير تعديلات قانون الأحزاب في صيف 2005 – نهاية الدورة – بعد
تعديل المادة 76 من الدستور في مايو 2005 والتي عدلت – شكليا - طريقة اختيار رئيس
الجمهورية من الانتخاب إلى الاستفتاء؟
تقييم التعديلات
الأخيرة لقانون الأحزاب لسنة 2005 :
جاءت التعديلات
الأخيرة لقانون الأحزاب مخيبة للآمال طبقا لما يلي :
أولا: القيود
والعورات الأساسية بالقانون التي أبقت عليها التعديلات
المقترحة:
1- الترخيص المشروط
وليس الإخطار: على الرغم من أن التعديلات تشير إلى الأخذ بنظام الإخطار بدلا من
الترخيص المسبق، فإن كافة النصوص تبدد هذه الأوهام، وتبقي على التوجه الأصيل في
الترخيص والرقابة المسبقة والتحقق من استيفاء الشروط قبل السماح بإسباغ المشروعية
على أي حزب، وتحظر أية أنشطة للأحزاب الجديدة من قبل أن تكتسب الشخصية الاعتبارية
بموجب القانون.
2- استمرار مقصلة
لجنة الأحزاب: يبدو واضحا أن التعديلات تضرب عرض الحائط بالمطالب المتكررة برفض
إخضاع حرية تكوين الأحزاب والعمل الحزبي عموما تحت وصاية هيئة ما أيا كان اسمها أو
طبيعة تشكيلها، بحيث لا تخضع الأحزاب سوى لرقابة القضاء الطبيعي جنبا إلى جنب مع
رقابة أعضائها والرأي العام.
ولا يخفف من خطورة
الإبقاء على مثل هذه اللجنة إعادة النظر في تشكيلها للإيحاء بتقليص دور الحزب
الوطني الحاكم فيها عبر استبعاد وزير العدل من التشكيل مع الإبقاء على وزير
الداخلية، ووزير شئون مجلس الشعب، فضلا عن رئيس مجلس الشورى الذي يحتل في ذات
الوقت موقع الأمين العام للحزب الوطني الحاكم، ليظل الحزب متمتعا بنفوذه الأصيل داخل
اللجنة التي يتعين عليها أن تمارس صلاحياتها في إسباغ المشروعية على من تراه من
الأحزاب التي تسعى إلى الوجود وانتزاع مساحة للعمل بجوار الحزب الحاكم. ولا يخفف
أيضا من الإبقاء على تلك اللجنة أن تضم في عضويتها ثلاثة من غير المنتمين إلى أي
حزب سياسي من بين الرؤساء السابقين للهيئات القضائية أو نوابهم وثلاثة من الشخصيات
العامة من غير المنتمين لأي حزب سياسي، فالأمر في النهاية في اختيارهم يصدر بقرار
من رئيس الجمهورية وهو رئيس الحزب الوطني في ذات الوقت.
وتبقى التعديلات على
صلاحيات اللجنة في البت في طلب تأسيس أي حزب خلال 90 يوما من قيام الحزب بنشر
أسماء مؤسسيه في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار، وأن يكون قرارها النهائي في
حالة الاعتراض مسببا، والتغيير الحادث هنا يقف عند حدود أن يصبح انتهاء مهلة
التسعين يوما، دون صدور قرار من اللجنة بمثابة قرار بعدم الاعتراض على تأسيس الحزب
بعد أن كان انتهاء المهلة بدون رد يعتبر بمثابة قرار برفض تأسيس الحزب.
واحتفظت التعديلات
أيضا في هذا السياق بالنهج الذي كرسه القانون والمتمثل في عدم الاكتفاء بجهة
رقابية واحدة وهى لجنة شئون الأحزاب للبت في طلب التأسيس، حيث تبقى التعديلات على
ما يذهب إليه القانون في حق اللجنة في أن تطلب أية مستندات أو أوراق أو بيانات أو
معلومات من أي جهة رسمية أو عامة، وأن تجري ما تراه من بحوث أو تكلف ما تراه من
الجهات الرسمية بإجراء أي تحقيق أو بحث أو دراسة لازمة للتوصل إلى الحقيقة فيما هو
معروض عليها. ومع ذلك كله لا يجد مشرعو الحكومة وحزبها
غضاضة في الادعاء بأن القانون يأخذ بنظام الإخطار!
3- الإصرار على
القضاء الاستثنائي: أبقت التعديلات على ما ذهب إليه القانون من اعتبار جهة
الاختصاص في نظر الطعون القضائية على قرارات اللجنة هي الدائرة الأولى للمحكمة
الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة، والتي عمد القانون كما ذكرنا لأن
يكون تشكيلها ذو طبيعة استثنائية بضم عدد من الشخصيات العامة إلى عضويتها. ويعد
الإصرار على هذا التشكيل انتهاك لمبدأ استقلال القضاء وحياده، وخاصة أن الشخصيات
العامة المختارة من غير المستبعد أن يكون لهم انحيازاتهم
السياسية أو الحزبية، الأمر الذي يجعل حيدتهم محلا للمطاعن، علاوة على أنهم قد
يكونوا غير مؤهلين للنظر في المنازعات الإدارية المتعلقة بالأحزاب.
وفضلا عن ذلك فإن
القرارات التي تصدرها المحكمة لا يجوز استئنافها أمام محكمة أعلى وبالتالي يحرم
الماثلين أمامها من الحق في نظر دعاويهم على درجتين
بدلا من درجة واحدة، وهو أمر يكتسي قدرا كبيرا من الأهمية وخاصة أن المحكمة يمتد
اختصاصها ليس فقط عند حدود الطعون في قرارات اللجنة برفض التأسيس للأحزاب، بل أيضا
النظر فيما يمكن أن تتقدم به اللجنة من طلبات إلى المحكمة بصفة مستعجلة لحل أي حزب
أو تصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها أموال الحزب، كما تتولى المحكمة
أيضا البت في الطعون على القرارات التي قد تتخذها اللجنة بحق أي من الأحزاب
القائمة في ضوء الصلاحيات الواسعة التي أبقت عليها التعديلات، والتي تجيز للجنة
إيقاف صحف الحزب أو نشاطه أو أي قرار أو تصرف له باسم "مقتضيات المصلحة
القومية" وهو تعبير غير منضبط يمكن تأويله حسبما ترى اللجنة للجم أي حزب أو
التنكيل به وشل نشاطه.
4- إخضاع التمويل لذات القيود: لم تقدم التعديلات جديدا في معالجة
القيود الصارمة على تمويل الأحزاب السياسية وحقها في تنمية مواردها، حيث تجاهلت
التعديلات مطالب الأحزاب في رفع الحظر على حقها في استثمار أموالها في مشروعات
تجارية يدار عائدها لأغراض العمل الحزبي. الاستثناء الوحيد الذي يقر به القانون هو
استثمار أموال الحزب في إصدار الصحف أو استغلال دور
النشر والطباعة. وأبقت التعديلات على الحظر المفروض على
الأحزاب في قبول أي تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبي أو من جهة أجنبية أو حتى من أي
شخص اعتباري، ولو كان متمتعا بالجنسية المصرية. بل ويلزم القانون الحزب بالإعلان
عن اسم المتبرع له وقيمة التبرع في واحدة على الأقل من الصحف اليومية إذا زادت
قيمة التبرع في المرة الواحدة على 500 جنيه أو على ألف جنيه في العام الواحد، وهو
ما يعني عمليا إرهاق ميزانية الحزب وتحميله نفقات للإعلان ربما تفوق قيمة التبرع
ذاته. ولا يتضمن القانون تسهيلات أو إغراءات تحفز المواطنين على التبرع للأحزاب مثل
الإعفاءات الضريبية على سبيل المثال.
وتبقى كذلك إشكالية
الدعم المالي الذي تتلقاه الأحزاب من الدولة، والذي يرتهن قواعد توزيعه عموما
بنسبة المقاعد التي يحصل عليها كل حزب في مجلس الشعب، لتقود عمليا لأن يبتلع الحزب
الوطني –المسخر له كل إمكانيات أجهزة الدولة- النصيب الأعظم من المبالغ التي
تخصصها الدولة لدعم الأحزاب السياسية.
ثانيا: تعديلات ذات
طابع شكلي :
1- الإضافة للحياة
السياسية بدلا من التميز.. تلاعب بالألفاظ وتقييد أكبر: وربما الأكثر أهمية في
الشروط التي تم إلغاؤها هو شرط التميز الظاهر في برامج الأحزاب الجديدة وأهدافها
وأساليب عملها، وهو الشرط الذي سبق الإشارة بأنه كان بمثابة العقبة الكبرى في
اختيار شروط التأسيس، ومع ذلك سرعان ما تحاصرنا التعديلات المقترحة وتبدد أوهامنا،
بالتأكيد على أن أحد شروط التأسيس لأي حزب جديد، هو أن يمثل إضافة للحياة السياسية.
وهكذا مثلما تم التلاعب بالألفاظ باستخدام لفظ الإخطار
للتغطية على نظام الترخيص المسبق، فإن شرط أن يمثل الحزب إضافة للحياة السياسية
يختفي من خلفه شرط التميز الظاهر. بل ربما تبدو الصيغة الجديدة أسوأ وأكثر
استعصاءً على الضبط القانوني، ناهيك عن أن تقدير ما إذا كان الحزب يمثل إضافة
للحياة السياسية أم لا، هو أمر يستحيل قياسه من قبل بدء الحزب لممارسة نشاطه،
وبعدها يصبح الحكم في هذا الشأن للجمهور الذي يقبل على الحزب أو ينفض عنه.
ومن ثم فإن إعمال هذا الشرط ضمن شروط التأسيس
يعني عمليا الاستمرار في النهج الذي سارت عليه لجنة شئون الأحزاب السياسية في
البحث عما يمكن أن تتضمنه برامج الأحزاب الجديدة من أفكار جديدة، لم ترد في برامج
الأحزاب القائمة مجتمعة. ويتجاهل واضعو هذه التعديلات أن
البرامج والتوجهات المعلنة وحدها حتى وإن كانت متشابهة فإن قيمتها الحقيقية تكتسب
من خلال الطريقة التي يدار بها الحزب والدور المحوري
لأعضائه وعناصره القيادية والخبرات التي لديهم، ومدى ارتباطهم بقواعد شعبية.
2 – اجتماعات لجنة
شئون الأحزاب : لم يشترط التعديل عقد لجنة الأحزاب إلا بوجود رئيس مجلس الشوري ووزراء العدل والداخلية وشئون مجلس الشعب، إذ أكد بدلا
من ذلك علي وجود رئيس مجلس الشوري وستة من أعضاء اللجنة
التسعة، بغض النظر عن صفة وجودهم باللجنة، كما اشترط المشروع نصابا أكبر لعقد لجنة
الأحزاب، فبدلا من حضور 62.5% من أعضائها، أصبحت نسبة
الحضور نحو 78% وهو أمر إيجابي لأن عقد اللجنة بعد مضي 3 أشهر من إبلاغ التنظيم
المراد تأسيسه حزبا، يعد موافقة علي تأسيسه كحزب.
3 – التعديلات الجديدة لم تجبر الأحزاب بالإعلان في الصحف عن أي
تبرعات يجيزها مشروع القانون، فيما يبدو أنه تخفيف من الأعباء التي تقع علي عاتق
الحزب بهذا الالتزام، ورفعا للحرج من نشر أسماء المتبرعين
4 - ألغي المشروع مسئولية رئيس الحزب عما يصدر في الصحيفة إلي جانب مسئولية
رئيس التحرير، وهو الأمر الذي أدي في السابق إلي ملاحقة رؤساء أحزاب المعارضة في
ردهات المحاكم.وهو تحصيل حاصل حيث سبق لحزب العمل وجريدة الشعب الحصول على حكممن المحكمة الدستورية بذلك
ثالثا: تعديلات
إيجابية :
1 - ألغت التعديلات
الالتزام بأن يكون نصف عدد مؤسسي الحزب علي الأقل من العمال والفلاحين، وهو أول
حذف أو خرق غير مباشر في ثوب المادة 87 من الدستور التي تشير إلي تلك النسبة في
عضوية مجلس الشعب وهي نسبة تحمل تناقضا دستوريا مع المادة 40 التي تشير للمساواة
بين المواطنين
2- الالتزام بمبادئ
يوليو ومايو : في إطار الشروط "الموضوعية" لتأسيس الأحزاب الجديدة
واستمرارها تم إلغاء بعض الشروط التي يشكل إلغاؤها إقرارا بواقع فعلي وتخلص من
مقولات تجاوزها الواقع مثل الالتزام بمبادئ ثورتي يوليو و15 مايو، وهو شرط إذا ما
جرى التقيد به فعلا فالأرجح أن الحزب الحاكم كان أكثر الأحزاب المؤهلة للحل أو
التجميد منذ وقت مبكر، ولكن هذا القيد غالبا ما كان يتم التذرع به فقط لدفع برامج
الأحزاب الجديدة للالتزام بها، ومن ثم رفضها بعد ذلك
بدعوى عدم تميز برامجها عن برامج الأحزاب القائمة.
ثالثا: قيود جديدة وصلاحيات إضافية:
1- 1000 توكيل بدلا
من 50 : تشددت التعديلات برفع عدد مؤسسي الحزب الذين
يتعين عليهم التقدم بتوكيلاتهم إلى وكيل المؤسسين من 50 عضوا إلى 1000 عضو. وهو
الأمر الذي يعكس انحياز هذه التعديلات إلى مزيد من التضييق على الأحزاب الجديدة
وتكريس بقاء الخريطة الحزبية على ما هي عليه.
2- تقنين التدخل في
الشئون الداخلية للأحزاب: ما يزيد الأمر خطورة أن التعديلات لا تتجه للاكتفاء
بالصلاحيات الواسعة التي تمتعت بها هذه اللجنة بموجب
القانون الحالي، بل تضيف صلاحيات جديدة تتيح التدخل عمليا وبصورة قانونية –هذه
المرة- في الحياة الداخلية للأحزاب، تحت دعوى التأكد من إتباع الأحزاب للقواعد
الديمقراطية الداخلية، وذلك على الرغم من أن أحكام القضاء الإداري سبق لها مرارا
أن اعتبرت مثل هذه التدخلات خروجا عن مقتضى القانون، وأكدت أنه متى تأسس الحزب
وفقا للقواعد المنصوص عليها قانونا فقد أصبح سيد نفسه ولا سلطان عليه إلا بالقانون
والجماهير التي أولته ثقتها والتفت من حوله وأقامت كيانه.
كما أكدت هذه الأحكام أن اللجنة لا تملك النظر
بالموازنة والترجيح لهذا الطرف أو ذاك، إذا ما احتدم الخلاف داخل تشكيلات الحزب معتبرة
أن ذلك كله من اختصاصات الحزب ذاته، ووفقا لأحكام القواعد الواردة بنظامه الداخلي.
3- مزيد من القيود
على الصحافة الحزبية: ومع أن التعديلات تضيف إلى القانون نصا يكفل حرية النشاط
الحزبي في حدود القانون، والترويج بالوسائل المشروعة لأفكارها ونشر معلومات عن أنشطتها،
فإن القانون في حد ذاته لا يتضمن إشارات واضحة تنهي الحظر المفروض على العمل
الحزبي خارج المقار أو تقر بحق الأحزاب في ممارسة النشاط السياسي بالجامعات، أو
حقها في تنظيم المسيرات السلمية أو الدعوة للإضرابات أو الاعتصامات
السلمية، بل إن الإشارة الوحيدة ذات الصلة جاءت بمزيد من القيود عندما حصرت حق
الحزب في إصدار الصحف بصحفيتين فقط، وما عدا ذلك يقود بالحزب إلى متاهات الحصول
على الترخيص المسبق وفقا لما يقضي به قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996.
المادة الخاصة
بالشريعة الإسلامية :
ويتساءل النائب حسين
محمد إبراهيم بجلسة مجلس الشعب .. لماذا
حذفت الحكومة المادة الخاصة التي اشتُرطت لوجود الحزب أو لاستمراره ضرورة ألا
يتعارض نشاطه مع أحكام الشريعة الإسلامية، واستكمل النائب: لماذا الحساسية إذن في موضوع الشريعة الآن؟!.. ووجَّه النائب تساؤلاً آخر للحكومة،
وهو: لماذا حذفتم هذا الشرط في قانون الأحزاب الجديد؟
وهل هو استجابةٌ لضغوط داخلية مثلاً؟ بمعنى أنه مطلب
شعبي، وقال النائب: أتحدى الحكومة أن تثبت أنه كذلك، واستكمل تساؤله بأنه لم
يتبقَّ أمامي إلا أن الحكومة قد استجابة للضغوط الأجنبية..!!
إلا أن الحكومة نفت
ذلك، وقال المستشار محمود أبو الليل- وزير العدل- إن الحكومة لم تحذف الشريعة
الإسلامية لأنها المادة الثانية من الدستور، وقال نحن ذكرنا في شرط تأسيس الحزب أو
استمراره بألا يخالف الدستور، ومعنى ذلك عدم مخالفته الشريعة الإسلامية لأن ذلك
مبدأً دستوريًّا، ومن ثم لا ينبغي ذكره في كل قانون.
واستكمل وزير مجلس
الشعب- كمال الشاذلي- ردَّ الحكومة، موضحًا أهمية الشريعة الإسلامية واحترام
الحكومة لها، وقال لا يجب أن ننسى أن معنا بمصر غير مسلمين والشريعة الإسلامية
تكفل لهم الحقوق والواجبات، ونفى تعرض الحكومة لأي ضغوط خارجية في هذا الموضوع أو
غيره، موضحًا أن هذا أمرٌ مرفوضٌ.
ثم ردَّ النائب حسين محمد إبراهيم على كلام
وزير العدل مؤكدًا أنَّ القانون ذكر ضرورة احترام الوحدة الوطنية والسلام
والمحافظة على السلام الاجتماعي، وهي أمورٌ نصَّ عليها الدستور أيضًا، فلماذا وُضعت
في شروط التأسيس في القانون الجديد؟ وقال إنَّ الشريعة
الإسلامية وما قاله الدكتور صوفي أبو طالب لا يتعارض مع الدستور ومع المادتين 8 و40
من الدستور، وهي أن الدولة تكفل حرية الاعتقاد وإقامة الشعائر الدينية.
4- رصد لأهم
الانتهاكات لحرية تكوين الأحزاب
ظلت القيود القانونية
الصارمة التي تعكس الموقف العدائي الأصيل من جانب السلطات لحق المواطنين في تنظيم
أنفسهم ، تلعب دورها في مصادرة حقوق المواطنين في تأسيس الأحزاب والجمعيات
والنقابات . فقد استمرت القيود الموضوعية
الواردة بقانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته اللاحقة حائلا أمام
إنشاء أية أحزاب جديدة ، بما تتضمنه من شروط متناقضة تملى التشابه والتماثل في
برامج الأحزاب الجديدة وأهدافها أو أساليبها ، في نفس الوقت الذي تشترط فيه تميز
برنامج وأهداف أو أساليب عمل أي حزب جديد تميزا واضحا عن غيره من الأحزاب القائمة .
وفي ضوء هذه الشروط المستحيل تحقيقها فقد واصلت لجنة شئون الأحزاب ذات التشكيل شبه
الحكومي ممارسة صلاحيتها في رفض الترخيص لأية أحزاب جديدة وكان من الطبيعي في ظل
هذه الشروط أيضا ، أن تساير المحكمة الإدارية العليا في الغالب الأعم قرارات لجنة
شئون الأحزاب برفضها الطعون المقدمة إليها من مؤسسي الأحزاب الجديدة الذين يحرمهم
القانون من الحق في الطعن على درجتين ، حيث تصبح الأحكام القضائية التي تصدرها تلك
المحكمة نهائية وغير قابلة للطعن عليها مرة أخرى .
وعلى حين يظل الجمود
يعتري خريطة الأحزاب السياسية القائمة والتي تضم 20 حزبا ، استمدت أغلبها
مشروعيتها من خلال أحكام قضائية ، فإن قائمة الأحزاب السياسية التي رفضت لجنة شئون
الأحزاب الموافقة على تأسيسها بلغت منذ إنشاء تلك اللجنة وحتى نهاية عام 1998 مالا
يقل عن 38 حزبا وفقا للحصر الذي أجراه مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان .
وقد عززت المحكمة
الإدارية العليا بموجب أحكامها ، قرارات رفض التأسيس لثلاثين حزبا منها.
يشير الأستاذ بشير
موسى نافع إلى الخارطة السياسية المصرية في الفترة المقبلة ، لاسيما حق تشكيل
الأحزاب وشرعية الإخوان المسلمين. وأن هناك ثلاث قوى
جادة تنتظر منذ سنوات ترخيص نشاطها السياسي: حزب الكرامة الناصري، وحزب الوسط ذي
الصبغة الإسلامية، والأخوان المسلمون .. ويضيف: تعتبر حالة الإخوان المسلمين
بالذات الامتحان الأكبر لعملية الإصلاح السياسي في مصر. فالأخوان هم قوة المعارضة
الرئيسية، وتلعب كوادر الإخوان دورا واسعا في قيادة عدد كبير من النقابات المهنية
والاتحادات الطلابية. كما يخوض الإخوان الانتخابات
الحالية بـ 150 مرشحا، مما يجعلهم القوة السياسية
الثانية بعد الحزب الوطني من ناحية عدد وفعالية المرشحين. ولكن الدولة ما تزال
تعتبر الإخوان قوة غير شرعية "ومحظورة"، وإن كانت انتخابات مجلس الشعب
الجارية الآن هي مؤشر على تحول جديد في الحياة السياسية، وإن جاءت هذه الانتخابات
بمجلس شعب فعال ومتزن، فلابد أن تأتي الخطوة التالية في مجال توسيع نطاق حرية
تشكيل الأحزاب، وإيجاد حل توافقي وحقيقي لوضع الإخوان المسلمين كقوة سياسية.
ومن بين الأحزاب التي
رفضت عام 1998 ، يكتسب قرار رفض التأسيس لحزب الوسط المصري أهمية خاصة . فالمعروف
أن إجراءات تأسيس " الوسط المصري
" تعد خطوة جديدة من جانب غالبية مؤسسي "
حزب الوسط " الذي سبق أن رفضت
اللجنة طلب وكيل مؤسسيه المهندس أبو العلا ماضي في 3/5/1996 وحجبت عنه الشرعية
بصورة نهائية بعد أن قررت المحكمة الإدارية العليا في أبريل 1998 ، رفض الطعن
المقدم من وكيل مؤسسيه على قرار اللجنة برفضه .
وفوق هذا وذاك فإن
قضية حزب الوسط أو الوسط المصري ، تكتسب مزيدا من الخصوصية باعتبارها تشكل محاولة
جادة من جانب بعض أقسام التيار الإسلامي لإقامة حزب سياسي شرعي يلتزم بقواعد
اللعبة الديمقراطية وفقا للحدود التي رسمها الدستور والقانون ، ومع ذلك فقد تعرض
عددا من مؤسسيه منذ اللحظة الأولى للإعلان عنه لضغوط عديدة شملت الاعتقال والإحالة
إلى القضاء العسكري
وقد اعتبر مركز
المساعدة القانونية لحقوق الإنسان أن محاولة تأسيس حزب الوسط ، ومن بعده الوسط
المصري من جانب بعض أقسام التيار الإسلامي وحرص مؤسسوه في صياغة برنامجهم الحزبي
على نفي أية شبهات لتكوين حزب ديني ، يعد في ذاته تجسيدا لتميز الحزب عن غيرة من
الأحزاب القائمة وإضافة حقيقة من شأنها تثري الحياة السياسية والحزبية على عكس ما
ذهبت إليه اللجنة في رفضها لطلب التأسيس .
وأشار الأستاذ عصام الإسلامبولي المحامي والمستشار القانوني لحزب الكرامة
العربية إلى أن حزبه قد تقدم مرتين إلى
لجنة شئون الأحزاب ؛ في المرة الأولى كان اسمه "حركة الكرامة " وقد قوبل
بالرفض من قبل اللجنة ثم صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا ، أما المرة الثانية
فحمل الحزب اسم "حزب الكرامة العربية" وهو معروض حالياً أمام لجنة
الأحزاب ولم تحدد جلسة حتى الآن لمناقشة قرار الرفض ، معتبراً قانون الأحزاب أكثر
القوانين انتهاكاً للدستور ليس فقط على مستوى كل مادة بل على مستوى كل فقرة منه ،
مطالباً بإلغاء قانون الأحزاب وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية بدون أي قيود أو
شرط ، مؤكداً أن الفساد قد أصبح السمة المميزة للنظام القائم الذي يشمله لجنة شئون
الأحزاب
في إبريل/نيسان، وافقت
"لجنة شؤون الأحزاب السياسية"، المنبثقة عن مجلس الشورى والخاضعة لسيطرة
الحكومة، على الترخيص لحزبٍ جديدٍ هو "حزب مصر 2000"، وكانت قد رفضت
الموافقة عليه من قبل عام 1999، ولكن "محكمة الأحزاب السياسية" ما لبثت
أن ألغت قرار اللجنة في 7 إبريل/نيسان. ويُذكر أن "حزب مصر 2000" هو
الحزب الثاني فقط الذي يحصل على ترخيصٍ منذ تشكيل "لجنة شؤون الأحزاب
السياسية" في عام 1977، بينما رُفضت عدة أحزابٍ أخرى، وكان سبب الرفض عادةً
هو أن برامج تلك الأحزاب لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن برامج الأحزاب القائمة
المسجلة
وعلى صلة بالحصار
المفروض على حق تكوين الجمعيات أو الأحزاب السياسية فقد تواصلت خلال ما يزيد على
العقدين ملاحقة المواطنين المشتبه في انتمائهم إلى جماعة الأخوان المسلمين
المحجوبة عن الشرعية القانونية .
5- رصد لأهم القيود الواقعة على حرية حركة الأحزاب وأنشطتها
السياسية والضغوط التي تتعرض لها صحافتها الحزبية.
أ - رصد لأهم القيود
الواقعة على حرية حركة الأحزاب وأنشطتها السياسية:
في ظل قانون الأحزاب السياسية رقم 40
لسنة 77 وفي ظل القيود المعرقلة لحرية الأحزاب والتعددية المقيدة وبرغم من مضي
أكثر من 23 سنة على قيام الأحزاب فهي لم تحقق تقدم يذكر خلال هذه الفترة وذلك يعود
إلى أن نشأة التعددية في مصر كانت بقرار من السلطة التنفيذية ولذلك فهي تهيمن على
السلطات الأخرى وعلى المجتمع ولا تسمح بمزيد من التطور في نشاط الأحزاب السياسية
وتحرص على محاصرتها باستمرار وعدم تجاوزها للحدود المرسومة لها سلفا وهي أن تكون
مجرد كيانات صغيرة معزولة عن الجماهير تحيط بحزب كبير يحتكر الحكم ولإحكام الحصار
حول الأحزاب وحرمانها من إمكانية تداول السلطة مع الحزب الحاكم من خلال الانتخابات
العامة تلجأ السلطة إلي سلاح التشريع وتستخدم
أجهزة الدولة وأجهزة الأمن وأجهزة
الإعلام لعزل هذه الأحزاب عن الجماهير وتجميد تنظيمها عند الحد الأدنى من
التواجد.
هذا علاوة على ما
يعيشه المجتمع المصري منذ سنوات طويلة في ظل قانون الطوارئ الذي يعطي للسلطات حق
اعتقال المواطنين وحبسهم وقائياً لفترات طويلة كما يعطيها حق منع الاجتماعات
الجماهيرية ويجرم التظاهر والإضراب والامتناع عن العمل كما يجرم توزيع البيانات
والمنشورات على المواطنين رغم أنها من أدوات التعبير السلمي عن الرأي وقد استخدمت
السلطات هذا القانون ومواد أخرى من قانون العقوبات ضد أحزاب المعارضة ومنعتها من
عقد أي مؤتمرات جماهيرية واعتقلت القيادات والنشطاء
السياسيين وانحصر نشاط الأحزاب السياسية في مصر عملياً داخل مقارها وحرمانها من
الاتصال بالجماهير وفقدانها القدرة على كسب عضوية جديدة.
وإذا كانت القيود
القانونية تحول دون إنشاء أحزاب جديدة فإنها أسهمت بدورها في تأجيج الصراعات داخل
الأحزاب القائمة وتفجيرها من الداخل ، خاصة وأن المتصارعين يدركون استحالة تأسيس
حزب بديل للحزب الذي خرجوا منه أو انشقوا عليه ويتضافر مع ذلك تغليب المصالح
الشخصية في ظل ضعف الأداء الحزبي عموما وغياب تقاليد وآليات ديمقراطية لمعالجة
الصراعات داخل الأحزاب السياسية .
ولقد أدت هذه
الصراعات خلال السنوات السابقة إلى تجميد نشاط حزبي مصر
الفتاة ، والخضر وخلال عام 1998 تفجرت صراعات عديدة داخل حزبي الأحرار والعدالة
الاجتماعية وصلت حد استخدام الأسلحة النارية وزجاجات ماء النار بين المتصارعين . وقد
جاءت الصراعات داخل حزب الأحرار في أعقاب وفاة رئيسه حيث اشتعل الصراع على من يحل
محله ما بين ثمانية أشخاص . وفي حزب العدالة الاجتماعية فقد أفضت محاولة " الانقلاب " على رئيس الحزب إلى
تجميد نشاط الحزب بقرار من لجنة شئون الأحزاب واقترن بذلك أيضا إيقاف صدور صحيفته.
أحزاب المعارضة
ومؤسسات الدولة – حزب العمل نموذجا :
تهيمن الدولة وحكومة الحزب الحاكم على
كافة المؤسسات ( تنفيذية – تشريعية – قضائية – جامعات – نقابات – منظمات مجتمع
مدني إلى غيرها من المؤسسات والهيئات ) وكان طبيعيا أن تولي الدولة اهتماما خاصا
بضرب الأحزاب المعارضة دون أن تفتك بها مكتفية بإدخالها
في حظيرتها 0
إرادة قوى المعارضة
لا يمكن أن تكون إرادة حقيقية وصادقة في ظل الخطوط الحمراء التي تضعها لنفسها
ويضعها لها النظام .. إرادة المعارضة تكون ضعيفة إذا
كانت قراراتها فردية وبعيدة عن مؤسساتها كما هو الحال في أغلب
الأحزاب .. إرادة المعارضة يجب ألا
تعرف من تلك الخطوط الحمراء إلا ما يخدم
المصالح القومية العليا للوطن وأولها حماية الأمن القومي 00 ومن هنا كانت
معارك حزب العمل وجريدة الشعب ضد الحلف الصهيوني الأمريكي وضد شبكة الفساد
المرتبطة به ومعاركه من أجل الحفاظ على هوية الأمة العربية والإسلامية وتحملت
قيادات الحزب وكوادره كل العنت الذي مورس ضدهم من تجميد للحزب ووقف لجريدته من أجل
انتزاع ديمقراطية حقيقية .. هذه الإرادة الحقيقية في التغيير غابت الآن بعد أن قبل
الكثير من أحزاب المعارضة بالخطوط الحمراء ودخل في حظيرة النظام طوعا أو قسرا .
ولقد وضح نموذج ضرب
المعارضة في أجلى صوره في حالة حزب العمل الذي صمد طوال ما يقرب من الخمسة أعوام
ونصف العام رافضا الدخول في حظيرة الدولة لأنه حزب مؤسسي له قياداته المنتخبة
والمعبرة عن قواعده 00 ولو تعرض الحزب الوطني الحاكم لعشر معشار ما تعرض له حزب
العمل لذهب مع أدراج الرياح ولما استمر أربع وعشرون ساعة كما حدث مع سلفه غير
المأسوف عليه " حزب مصر العربي الاشتراكي " 00 فما كان من الدولة إلا أن
كثفت الضغوط والضربات بهدف إحداث شرخ في البناء الداخلي للحزب لأنه كان السبب
الرئيسي في صموده طوال هذه السنوات .. تضغط الدولة بهدف التدخل في شئون الحزب
الداخلية والعصف بمؤسساته وإعادة تشكيل الهيكل التنظيمي للحزب والتحريري للجريدة ..
وما حدث طوال الخمس سنوات كان محاولات متكررة من الدولة لإدخال حزب العمل في
حظيرتها وهو ما عبر عنه الكاتب الكبير الأستاذ فهمي هويدي
بالوفد عام 2002 بعنوان أكثر تأدبا " في بيت الطاعة السياسية " وكأنه
كان يستقرأ الأحداث قبل تداعياتها.
ولتوضيح الدور
السلطوي للدولة في توظيف مؤسساتها وأجهزتها لضرب حزب العمل (الصحافة القومية – أمن
الدولة – وزارة الداخلية – لجنة شئون الأحزاب – المدعي الاشتراكي – المجلس الأعلى
للصحافة – بعض قيادات المعارضة المناوئة لحزب العمل ) فإننا نشير في عجالة إلى ما يلي :
الدور المشبوه
للصحافة القومية !!!
بدأت إشارة ضرب حزب
العمل بإشارة من مايسترو التخريب سمير رجب رئيس مجلس إدارة دار التحرير للطباعة
والنشر ورئيس تحرير جريدة الجمهورية وغيرها من عشرات الإصدارات التابعة للدار .. بدأت الأزمة بمقال تحريضي له في جريدة الجمهورية يوم الاثنين 15
مايو 2000 يعيب على الحكومة سكوتها على ما أسماه بممارسات حزب العمل ويتساءل هل
ستضع لجنة شئون الأحزاب موضوع حزب العمل والخلافات الداخلية به على جدول أعمالها
في اليوم التالي ؟ .. والغريب في الأمر أنه في يوم
الاثنين 15 مايو 2000 لم يكن هناك أي خلاف داخل حزب العمل وكان حمدي أحمد مفصولا
منذ ما يقرب من العام ولم يكن أحد يسمع عن السيد أحمد إدريس قبل هذا التاريخ !! 00
عفوا لم يكن مقالا تحريضيا إذن وإنما كانت مؤامرة كان
دور سمير رجب فيها هو التمهيد لأرض المعركة وقد كان !! .
الدور المشبوه للجنة
شئون الأحزاب !!!
وتجتمع لجنة شئون
الأحزاب ( الحكومية : رئيس مجلس الشورى وثلاثة وزراء وثلاث شخصيات عامة حكومية
يعينهم رئيس اللجنة ) 00 تجتمع يوم الثلاثاء 16 مايو 2000 في اليوم التالي لمقال
سمير رجب 00 والغريب أن تضع موضوع حزب العمل الذي أشار له على جدول أعمالها لتجد
أنه لا خلاف داخل حزب العمل وأن الأوراق التي أمامها غير كافية لاتخاذ إجراء ضده
فتؤجل الموضوع لاجتماع طارئ يعقد يوم الأحد التالي وحتى تستكمل خيوط المؤامرة .
ويلخص الملحق المرفق
بهذه الدراسة " المذكرة المرفوعة من الأستاذ الدكتور صلاح صادق والأستاذ
محفوظ عزام المحاميان بالنقض والإدارية العليا إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة
الأحزاب – والخاصة بدفاع حزب العمل والمهندس إبراهيم شكري رئيس الحزب أمام هيئة
مفوضي الدولة ضد السيد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيسا للجنة الأحزاب السياسية إلى
المراحل القانونية للنزاع بين حزب العمل ولجنة شئون الأحزاب السياسية أمام محكمة
القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا والأحكام الصادرة في الإشكالات القانونية
التي استهدفت وقف تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح الحزب "
الدور المشبوه لأمن
الدولة ووزارة الداخلية !!!
ولأن الأوراق أمام
لجنة شئون الأحزاب غير مكتملة ولأن الاجتماع الطارئ بعد أيام فيجب الإسراع في تنفيذ المؤامرة .. يتحدد مساء نفس اليوم – الثلاثاء - للتنفيذ
ويوم الأربعاء لاستيفاء الأوراق أمام لجنة شئون الأحزاب وباقي الأيام لتدارك أي نقص .. لنعد ليوم الثلاثاء 16 مايو 2000 وفي المساء تحديدا
وفي نفس اللحظة ينطلق بعض المجرمون والمشتبه فيهم وبعض المحجوزين في أقسام الشرطة
وبعض العاملين في دار التحرير .. جزء ينطلق إلى مقر
الحزب بحدائق القبة وجزء ينطلق إلى مقر الحزب بمدينة نصر
.. ويصل كل فريق إلى مقر الحزب المستهدف (المقرين بشرق
القاهرة بالمصادفة البحتة !!! ) رافعين الرؤساء الجدد
على الأكتاف وليجدوا كاميرات دار التحرير وبعض الفضائيات في انتظارهم 00 وتتأخر
الجمهورية في الطباعة في مساء نفس اليوم لتزف البشرى في صباح اليوم التالي للجماهير
بميلاد الرؤساء الجدد لحزب العمل !!!
لجنة الأحزاب 00 مرة
أخرى !!!
تباغت لجنة الأحزاب الجميع بالاجتماع يوم السبت 20 مايو بدلا من الأحد طالما أن
الأوراق قد اكتملت 00 ولماذا تجتمع اللجنة وأعضاؤها في الساحل الشمالي هربا من حر
القاهرة فالقرار المعد سلفا يمكن اعتماده بالتمرير أو في اجتماع لم يعقد فلن يبحث
أحد هل عقد الاجتماع أم لا ؟ 00 ويصدر القرار بـ : عدم
الاعتداد بأي من المتنازعين على رئاسة حزب العمل ( شكري وإدريس وحمدي !!! ) ووقف
إصدار جريدة الشعب خلال فترة النزاع (وكان قرار جريدة الشعب هو المستهدف بالأساس حتى
تستكمل خيوط المؤامرة بالبند التالي) ليتم إحالة ملف الحزب ومذكرة اتهامات أمن
الدولة للتحقيق أمام المدعي العام الاشتراكي فيما بعد خاصة وأن مسرحية نزاع
الرئاسة لا يمكن الاعتماد عليها طويلا 0
المدعي العام
الاشتراكي !!!
تستدعى قيادات الحزب
للتحقيق أمام المدعي العام الاشتراكي ( الاشتراكي جدا في زمن الخصخصة وانفتاح السداح مداح ) والذي تبنى مذكرة أمن الدولة وبعث الحياة في
مواد ميتة من قوانين استثنائية سيئة السمعة صدرت في ظروف خاصة في مواجهة بعض
المؤسسات الأهلية وبعض القوى السياسية بطريقة انتقائية بهدف القضاء على حزب العمل وتوجيه إنذار لكل
الأحزاب السياسية بعدم تجاوز ما يعتبره الحكم خطوطا حمراء وإلا كان نصيبها الشطب
من الخريطة السياسية وربما حبس وسجن بعض قادتها .. كما تستند التهم الموجهة إلى
حزب العمل إلى بعض مواد قانون الأحزاب ولأول مرة وهو القانون المقيد للتعدية
والمطعون في دستوريته بما يشبه الإجماع من فقهاء الدستور والقانون ويشير الأستاذ
حسين عبد الرازق في نفس المقال إلى ضرورة إلغاء نظام المدعي العام الاشتراكي وحذف
المادة الخاصة به من الدستور وإلغاء ما يسمى بمحكمة الأحزاب لأن كل هذا يمثل
افتئاتا على السلطة القضائية .. ويختتم حسين عبد الرازق مقاله المهم بأن كثير من
التهم الموجهة لحزب العمل في تقرير المدعي الاشتراكي يمكن أن تطول كل أو بعض
الأحزاب القائمة بما فيها الحزب الوطني الديمقراطي ويشير إلى أن الأعمال التي قام بها حزب العمل هي من صميم عمل أي حزب سياسي وقد مارستها
الأحزاب جميعا طوال 22 عاما دون اعتراض من أية جهة 0
لجنة الأحزاب 00 مرة
ثالثة !!!
حين أيقنت لجنة شئون
الأحزاب أن قرارها الصادر في 20 مايو سيصدر الحكم بوقف تنفيذه لا محالة بجلسة
محكمة القضاء الإداري في 25 يوليو 2000 .. حين تيقنت من
ذلك تعجلت تقرير المدعي العام الاشتراكي – والذي استجاب !!!
- وسارعت اللجنة بععقد اجتماع عاجل في اليوم السابق للحكم
( 24 يوليو 2000 ) لتلتف على الحكم الذي سيصدر (وكأنها تلعب شطرنج مع القضاء نقلة
بنقلة وحركة بحركة !!! ) وتصدر اللجنة الحكومية قرارا آخر بوقف صحف الحزب وتجميد
نشاطه 00 وفضح القرار الثاني للجنة الأحزاب قرارها الأول
.. فالخلاف إذن لم يكن نزاع رئاسات ولكنه كان خلاف سياسي لم تحتمله الدولة وبهذا
انتهى النزاع المزعوم حول رئاسة الحزب وأسدل الستار على المتنازعين مع الأستاذ
إبراهيم شكري رئيس الحزب قبل أن ينتهي الفصل الأول من تلك المسرحية (الهزلية
التراجيدية) فلقد أصبح تقرير المدعي العام الاشتراكي بين يدي اللجنة والذي بنت
عليه قرارها السابق .
المجلس الأعلى
للصحافة – ضد الصحافة !!!
وبتاريخ 25 يوليو 2000 أصدرت محكمة
القضاء الإداري حكمها المنتظر بوقف تنفيذ القرار الأول للجنة شئون الأحزاب – المطعون
فيه – والاعتداد بالتالي بالأستاذ إبراهيم شكري رئيسا للحزب وحق جريدة الشعب في الصدور .. وهنا ينبري الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الشورى بصفته
رئيسا للمجلس الأعلى للصحافة هذه المرة لوقف إصدار جريدة الشعب أي أن الدكتور
مصطفى رئيس المجلس الأعلى للصحافة يخضع لرغبات وقرارات الدكتور مصطفى رئيس لجنة
الأحزاب ضاربا عرض الحائط بأحكام القضاء في دولة المؤسسات التي تحترم أحكام القضاء
وضاربا عرض الحائط بمواد الدستور التي تمنع غلق الصحف بقرار إداري !!!! 00 وتتتابع الأحكام لصالح جريدة الشعب حتى وصلت أربعة عشر حكما
ويتابع المجلس الأعلى للصحافة بقيادة رئيسه الذي يتدخل في الوقت المناسب بصفته
الوظيفية المناسبة لمنع صدور الجريدة ولا يلقي بالا بأحكام القضاء حتى وإن سجلت في
حقه كلاما يندى له الجبين .. عام وربع العام من الكر والفر والمراوغة لم يكل فيها
رئيس المجلس الأعلى للصحافة لضرب جريدة الشعب التي سبق وأن وصفها التقرير الصادر
عن مجلسه بأنها أصدق الصحف الموجودة على الساحة سواء كانت صحفا قومية أو حزبية 0
هيئة قضايا الدولة – المحامي (0000) !!!
ولأن موقف الحكومة ولجنة شئون أحزابها
ومجلسها الأعلى للصحافة موقف ضعيف وهزيل فإن موقف محاميها موقف لا يحسد عليه .. ومحامي الحكومة هو هيئة قضايا
الدولة .. بنيان ضخم – مادي ومعنوي وبشري – ولكن موقفها كان مماثلا لموقف
المحامين تحت التمرين .. تعجز عن مواجهة الأحكام الدامغة فتستشكل باسم رئيس مجلسي الشورى والصحافة ولجنة شئون
الأحزاب .. تستشكل باسمه أمام محاكم غير مختصة .. ليصدر حكما دامغا من محكمة
القضاء الإداري واصفا تصرف الهيئة الموقرة بأنه يحيد بركن من أركان الدولة
القانونية مما يتعين معه الترفع عن إتيان ما من شأنه الالتفاف حول حجية الأحكام
تعطيلا لتنفيذها ونيلا من رفيع مكانتها 00 حكم يندى له الجبين ولكن يبدو أنه ليس
كل جبين ككل جبين .
أحزاب المعارضة
المناوئة لحزب العمل !!!
لا أجد أبلغ من كلمات الكاتب الكبير
الأستاذ فهمي هويدي في مقاله بالوفد – في بيت الطاعة السياسية
- " بعض الأحزاب غلب الصراع الأيدولوجي على
المصلحة العليا المتمثلة في الدفاع عن قيمة التعددية ورفض مبدأ استخدام القرارات
الإدارية والسلطوية لتسوية الخلافات السياسية 00 وبهذا الموقف البائس الذي اتسم
بقصر النظر فإن الذين اختاروا هذا الموقف لم يمانعوا في إهدار ما هو استراتيجي من
أجل تصفية الحسابات السياسية ومن ثم الفوز بنقطة تكتيكية مرحلية ومؤقتة .. ونتيجة لذلك فإن هؤلاء لم يكتفوا بالحفاوة والترحيب وإنما سعوا
إلى التحريض والتبرير في كتابات رموزهم
ب – القيود المفروضة
والضغوط التي تتعرض لها الصحافة الحزبية:
الصحف الحزبية هي
لسان حال كل الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية فهي الوسيلة الوحيدة والأساسية
الحزب لآرائه وبرامجه للجماهير والتأثير على الرأي العام ولكن المشرع لم يترك
للأحزاب حتى هذه الوسيلة وأعطى الحق للجنة شئون الأحزاب
بأن توقف صحيفة أي حزب إذا ثبت لديها من تقرير المدعى العام الاشتراكي خروج أي حزب
أو أحد أعضائه عن المبادئ المقررة في المادتين 3، 4 وهى المواد التي سبق مناقشاتها
.. وبهذا قضى المشرع على كل وسيلة للحزب للتعبير عن نفسه فحتى القول أن الأحزاب
السياسية هي أحزاب صحف ومقار، الذي أطلقه المحللون على الأحزاب، أصبح قول غير دقيق
فالصحف مهددة في أي لحظة بالمصادرة والوقف والتجميد، هذا علاوة على أزمة حرية
الرأي والتعبير والصحافة وهذا واضح في أحكام قانون العقوبات وقانون المطبوعات
وقانون تنظيم الصحافة التي وسعت من نطاق تجريم الصور المختلفة للتعبير السلمي عن
الآراء وأجازت للسلطات الحق في تعطيل الصحف ومصادرها.
ويمكن أن نعطى في هذا
السياق أمثلة من التشريع المصري كنموذج على أمثلة متكررة في العديد من التشريعات
العربية لا يتسع المقام لذكرها جميعا- يمكن أن نعطى أمثلة بالنصوص العقابية
الواردة في قانون الصحافة وقانون المطبوعات
. فبالإضافة إلى جرائم السب والقذف المنصوص عليها في قانون العقوبات ( المواد
من 303 إلى 308 ) تضمن القانون بابا هو الرابع عشر عن الجرائم التي تقع بواسطة
الصحف وغيرها .. فتعاقب المادة 171 على الإغراء بارتكاب
جناية أو جنحة . وتعاقب المادة 172 على التحريض على
ارتكاب جنايات القتل والنهب والحرق أو الجنايات المخلة بأمن الحكومة
. وتعاقب المادة 174 على التحريض على قلب نظام الحكم أو كراهيته أو
الازدراء به أو تحبيذ وترويح المذاهب التي
ترمى إلى تغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية
بالقوة أو الإرهاب أو أية وسيلة غير مشروعة . وثمة نصوص تعاقب على تحريض الجند على
الخروج عن الطاعة (م 175 ) والتحريض على بغض طائفة أو طوائف من الناس (م 176 ) والتحريض
على عدم الانقياد للقوانين (م 177) وحيازة صور من شأنها الإساءة إلى سمعة البلاد (م
178 ) وإهانة رئيس الجمهورية (م 179) والعيب في حق ملك
أو رئيس دولة أجنبية (م 181) والعيب في حق ممثل دولة أجنبية معتمد في مصر (م 182) وسب
مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو غيرها من الهيئات (م 184) هذا فضلا عن العديد من
أفعال النشر وصور التعبير عن الرأي الأخرى التي تخضع للتجريم القانوني سواء بنصوص
قانون العقوبات أو بنصوص قوانين أخرى .
وفى ظل هذه القيود تعرضت الصحافة الحزبية لصور
مختلفة من المصادرة والتعطيل وتعرض المشتغلين بهذه الصحف والمسئولين عنها لضغوط
شتى شملت التحقيقات أمام النيابة والمدعى العسكري والاحتجاز والمحاكمات سواء أمام
القضاء المدني أو العسكري.
ومثالاً على ذلك: في
عام 1991 ونتيجة للمواقف المعارضة للتدخل العسكري الدولي ضد العراق قدم اثنان من
رؤساء صحف المعارضة واثنين من صحفها إلى
التحقيق أمام النيابة العسكرية وألقى القبض على العديد من الأشخاص من بينهم الصحفي
مجدي حسين نائب رئيس تحرير صحيفة الشعب في ذلك الوقت والصحفي حمدين
صباحي عضو الحزب الاشتراكي العربي الناصري (تحت التأسيس)
وفى أكتوبر 1993 احتجزت السلطات د/ محمد حلمي
مراد نائب رئيس حزب العمل والصحفيين بجريدة الشعب صلاح بدوى وعلى القماش والكاتب
الصحفي عادل حسين أمين عام حزب العمل ومجدي حسين رئيس تحرير صحيفة الشعب وأمرت
النيابة بضبط نسخ الكتاب الذي أعده. د/ حلمي مراد ، عادل حسين تحت عنوان "لماذا
نقول لا " شملت التحقيقات عدداً من المقالات التي نشرتها صحيفة الشعب
المتعلقة بموقف الحزب من الاستفتاء على رئاسة الجمهورية وقد كانت التهم الموجهة هي
إهانة رئيس الجمهورية والترويج لأفكار جماعات متطرفة
ونشر أفكار تضر بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وتناول مؤسسات الدولة بالنقد
الجارح والحض على كراهية النظام وازدرائه
استمرت تلك المنظومة
من الحريات هدفا لاعتداءات متزايدة . وأظهرت الانتهاكات التي طالت حرية الصحافة
على وجه الخصوص الحاجة الماسة لأن يواصل الصحفيون والمشتغلون بالرأي وكافة القوى
الديمقراطية نضالهم الذي بدءوه في مواجهة قانون اغتيال الصحافة رقم 93 لسنة 1995
من أجل وضع حد للعقوبات السالبة الحرية في جرائم الصحافة والنشر ، وإعادة النظر في
الأحكام غير المنضبطة في قانون العقوبات التي تسمح بتأويل وتأثيم الرأي وتخلط بين
النقد المباح والسب والقذف ولا تقيم حدودا دقيقة للتفرقة بوضوح بين التعرض للحياة
الخاصة للمواطنين وبين غيرهم من الشخصيات العامة ، وإنهاء القيود القانونية التي
تصادر حق المواطنين في حرية تملك الصحف وحرية إصدارها ، وتعوق حرية تداول
المطبوعات وتفتح أبوابا واسعة لمصادرتها .
لقد جاءت التطورات
التي شهدها عام 1998 تأكيدا على أن الانتصار الجزئي الذي حققه الصحفيون في مواجهة
قانون اغتيال الصحافة لم يكن كافيا لتأمين مسار حرية الصحافة ، حيث شهد هذا العام
في سابقة غير متكررة صدور أحكام نهائية بسجن ستة صحفيين ، نفذت جزئيا أو كليا بحق
أربعة منهم ، قبل أن تبت محكمة النقض في
الطعون على هذه الأحكام في حين أمكن للصحفيين الباقين تفادي تنفيذ العقوبة بموجب
قرار من النائب العام – كذلك – توسعا ملحوظا في مصادرة الصحف أو الحيلولة دون
طبعها داخل مصر أو منع دخول ما يطبع منها خارج مصر
ومع ذلك ينبغي
التأكيد على أن الهجمة التي جرت تحت ستار التصدي لما سمي بالصحافة الصفراء وصحافة
الفضائح ، طالت صحفا وصحفيين لا علاقة لهم بتلك المسميات وأفضت إلى ترويع كافة
المشتغلين بالصحافة والرأي وخاصة بعد ما تبين من أن عقوبات السجن قد تطول مالا يقل
عن 74 صحفيا آخر – وفقا للحصر الذي أجراه مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان –
كانوا في الشهور الثلاثة الأولى من العام هدفا للتحقيق أو المحاكمة في قضايا النشر
بتهم تقود إلى السجن على حين بقيت صحافة الفضائح تمارس تجاوزتها طالما لا تتيح
الصارمة على إصدار الصحف – والنصوص العقابية – مناخا مناسبا للارتقاء بالصحافة
وتناولها لهموم وقضايا الوطن ، وممارستها لدورها المنشود في تقديم الحقائق ومراقبة
أداء الدولة والمؤسسات المختلفة دون تهديد أو عقاب .
ففي ثلاث من القضايا
المرفوعة من علاء حسن الألفي نجل وزير الداخلية السابق ضد مجدي احمد حسين رئيس
تحرير صحيفة الشعب الناطقة بلسان حزب العمل المعرض ، والتي سبق صدور أحكام
ابتدائية عام 1997 بالحبس لمدة عام في كل منها ، وشمول الحكم في إحداها على الحبس
أيضا لمدة عام على محمد هلال الصحفي بنفس الصحيفة ، بتهمة سب وقذف المدعي ، فقد
تمخض استئناف هذه الأحكام عن صدور حكم نهائي في 24 فبراير 1998 ، يقضي بحبس كل من
الصحفيين سنة مع الشغل ، ورفض استشكالا تهما في وقف تنفيذ العقوبة لحين نظر الطعن
في الأحكام أمام محكمة النقض . ومن ثم فقد اضطر الصحفيان إلى تنفيذ العقوبة ،
وأودعا بالسجن بدءا من التاسع من مارس حتى انتهت محكمة النقض من نظر الطعون في
الثاني من يوليو ، حيث قررت إلغاء الحكم المستأنف الصادر في الجنحة رقم 6076 لسنة 1996
التي ضمت الصحفيين وبعدم قبول الإدعاء المباشر فيها وإعادة القضية إلى محكمة شمال
القاهرة الابتدائية لتحكم فيها . أما في الجنحتين الأخرتين
اللتين قررت محكمة الاستئناف ضمهما معا ، واللتين تخصا مجدي حسين وحده وقررت فيها
إلغاء عقوبة السجن ، والاكتفاء بمعاقبته بغرامة قدرها سبعة آلاف وخمسمائة جنيه ،
فقد قررت محكمة النقض إعادتها محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد
هيئة استئنافية أخرى .
وفي 21 مارس 1998
ألقي القبض على جمال فهمي مدير تحرير صحيفة الدستور بعد خمسة أيام فقط من صدور حكم قضائي نهائي يقضي بحبسه لمدة ستة أشهر في الجنحة
المقامة ضده ، نتيجة لبلاغ مقدم من الكاتب الصحفي ثروت اباظة
يتهم فيه كلا من جمال فهمي ، محمود المراغي رئيس تحرير
صحيفة العربي المعارضة في ذلك الوقت بالسب والقذف في حقه من خلال مقال منشور لجمال
فهمي في جريدة العربي في مايو 1995 . وقد تضمن الحكم ببراءة رئيس التحرير بعد أن
كان الحكم الابتدائي قد تضمن معاقبته بذات العقوبة . وقد قضى جمال فهمي نحو مائة
وخمسين يوما داخل محبسه قبل أن تقضي محكمة النقض بقبول طعنه وتأمر بإعادة القضية
للفصل فيها من جديد ، من قبل دائرة أخرى بمحكمة جنوب
القاهرة .
كما صدر حكم نهائي
مماثل يقضي بحبس الصحفي عمرو ناصف لمدة ثلاثة أشهر ، بعد إدانته كذلك بتهمة سب
وقذف الكاتب الصحفي ثروت اباظة عن طريق النشر ، وقد
أمضى عمرو ناصف العقوبة كاملة بمحبسه في سجن مزرعة طره .
استمر الحظر قائماً
على أنشطةِ ومطبوعات "حزب العمل" ذي التوجه الإسلامي ،
والذي جُمدت أنشطته بقرارٍ من "لجنة شؤون الأحزاب السياسية" في مايو/أيار
2000. وصدر ما لا يقل عن 11 حكماً من القضاء الإداري
برفع الحظر المفروض على صحيفة "الشعب" نصف الأسبوعية التي يصدرها الحزب،
على اعتبار أنه يمثل انتهاكاً لحرية الصحافة التي يكفلها الدستور. وفي 20 مارس/آذار، قضت المحكمة الإدارية بعدم قانونية امتناع
الحكومة عن تنفيذ أحكامها وأسلوب المماطلة الذي تتبعه، والمتمثل في الطعن في هذه
الأحكام أمام محاكم من الواضح أنها غير مختصة بنظر مثل هذه القضايا. وبالرغم من
ذلك، أيدت "لجنة شؤون الأحزاب السياسية" في 21 مارس/آذار الحظر المفروض
على صحيفة "الشعب" على اعتبار أنه لم يُفصل بعد في وضع "حزب العمل".
وفي منتصف يوليو/تموز، أيدت هيئة مستشارين تابعة للمحكمة الإدارية العليا موقف
اللجنة، رغم أنها سبق وأيدت أحكاماً لصالح صحيفة "الشعب". وقالت الهيئة
إن القرارات السابقة للمحكمة الإدارية أخطأت فيما ذكرته من أن صلاحيات "لجنة
شؤون الأحزاب السياسية" تجيز لها وقف أنشطة أيٍ من الأحزاب السياسية، ولكن
ليس من سلطتها حظر المطبوعات. وفي هذه الأثناء، ما زالت
صحيفة "الشعب" تصدر في طبعةٍ إلكترونية على شبكة الإنترنت.
وفي 27 ديسمبر/كانون
الأول 2000، أُطلق سراح مجدي أحمد حسين، رئيس تحرير صحيفة "الشعب"،
بموجب عفوٍ رئاسي، كما أُفرج عن الصحفي صلاح بديوي،
ورسام الكاريكاتير عصام حنفي، اللذين يعملان بنفس الصحيفة. وكانت
قد صدرت أحكام بالحبس على الثلاثة في أغسطس/آب 1999، بتهمة القذف والتشهير في حق
وزير الزراعة يوسف والي. وفي مارس/آذار، انتُخب مجدي
أحمد حسين أميناً عاماً "لحزب العمل"
وقد لاحظ مركز
المساعدة القانونية لحقوق الإنسان الذي تبنى عددا من هذه القضايا أن الأحكام
القضائية الصادرة بحق بعض الصحفيين ، تكشف عن تراجع خطير في المبادئ العظيمة التي
سبق أن اعتمدها القضاء المصري بشأن حرية الرأي والتعبير ، ومن ذلك ما انتهت إليه
محكمة الجنايات في حكمها بتاريخ 28 يناير 1948 من أنه " يجب عند مناقشة أمر من الأمور الهامة والحيوية
أن يدلى كل صاحب رأي برأيه حتى يبين الغث من الثمين وتبين الحقيقة واضحة ، فإذا
اشتد الجدل وخرج اللفظ في هذه الحالة من اللين إلى النقد المر والعنيف وإلى القول
اللاذع غير الكريم – مما قد يثيره الجدل والاندفاع في القول – وجب أن يغتفر ذلك
لصاحب الرأي ما دامت وجهته المصلحة العامة
" .
من ناحية أخرى فقد
تنازل وزير الداخلية السابق اللواء حسن الألفي عن بلاغه المقدم خلال عام 1997 ضد
مجدي حسين رئيس تحرير الشعب ، وصلاح بديوي ، وحمدي
الشامي ، وعادل حسين وهدى مكاوي ، وعصام الشرقاوي الصحفيين ورسامي الكاريكاتير
بصحيفة الشعب ، والذي تضمن اتهامه لهم بالسب والقذف في حقه ، وإهانة
هيئة الشرطة ، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة ومغرضة من شأنها تكدير الأمن العام
وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة وذلك من خلال ما نشرته الشعب في سبعة أعداد في غضون
حملتها على الوزير 1997.وكان الصحفيون المذكورون قد أحيلوا للتحقيق معهم في هذا
البلاغ ، ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة جنايات القاهرة التي انتهت في جلستها بتاريخ 12/9/1998
إلى:براءة جميع المتهمين وانقضاء الدعوى الجنائية بحقهم بموجب التنازل الذي تقدم
به وزير الداخلية الحالي اللواء حبيب العادلي .
6- توصيات خاصة برفع
القيود على حرية تكوين الأحزاب واستقلالية حركتها.
في ضوء هذه الدراسة يمكن أن نخلص إلى التوصيات
التالية والتي تلقى قبولا عاما من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني
والنقابات المهتمة بقضايا الحريات:
• إن الأخذ بمبدأ التعددية الحزبية وحرية
تأسيس الأحزاب يقتضى بالدرجة الأولى ضرورة إلغاء لجنة شئون الأحزاب التي تمثل
الحزب الحاكم - ويرأسها الآن رئيس مجلس الشوري وهو في ذات الوقت أمين الحزب الوطني
الحاكم بالإضافة إلي الوزراء الآخرين
الذين يمثلون الحزب الحاكم وسياساته - مما
جعل من هذه اللجنة خصما وحكما في ذات الوقت.
• إن الأخذ بمبدأ التعددية الحزبية وحرية
تأسيس الأحزاب يقتضى بالدرجة الأولى أن تنشأ الأحزاب السياسية دون حاجة إلى الحصول
على إذن مسبق من أية جهة إدارية كما كان الحال في مصر قبل ثورة يوليو 1952 بحيث
يكتفي بالإخطار لأنه لا يجب أن يوجد أي ترخيص مسبق لمباشرة أي حرية.
• لا يجوز الاعتراض علي حزب أو تنظيم قبل أن
يبدأ نشاطه .. علي أن يخضع الاعتراض الذي يجب أن تتقدم
به النيابة العامة باعتبارها ممثلة للمجتمع إلي القضاء ليصدر حكمه بشأن هذا
الاعتراض، ولمراقبة الأسباب القانونية والواقعية لاعتراض النيابة العامة ليس علي
تأسيس الحزب بل علي نشاطه، علي أن يتكفل القانون العام "قانون العقوبات"
بردع أي نشاط مخالف علي أن تخضع كل تصرفات الإدارة في هذا الشأن لرقابة القاضي
الطبيعي وليس لرقابة محكمة مشكلة تشكيلا استثنائيا.
• إلغاء القيود
المفروضة علي الأحزاب وظهورها في وسائل الإعلام القومية أو امتلاك وسائل الإعلام،
وتمويل الأحزاب وغيرها مما تضمنته المشاريع التي قدمتها وتبناها عدد من أعضاء مجلس
الشعب من المستقلين والمعارضين لعرضها في جلسة مجلس الشعب
• وضرورة أن ينص
القانون بشكل واضح ومفصل علي حق الأحزاب في ممارسة أنشطتها، بما في ذلك حقها في تنظيم
المسيرات وعقد المؤتمرات الجماهيرية خارج حدود مقارها، وشددت علي أن الشعب وحده هو
الذي يقرر ما إذا كان الحزب يمثل إضافة سياسة أم لا، وذلك عبر مناصرته أو الانصراف
عن هذا الحزب أو ذاك.
• رفع القيود الموضوعة علي الأحزاب في
استثمار مواردها المالية
’’’ والله ولي
التوفيق ’’’
ملحق رقم ( 1 )
مقدمة المذكرة
المرفوعة من الأستاذ الدكتور صلاح صادق والأستاذ محفوظ عزام المحاميان بالنقض والإدارية العليا إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة
الأحزاب – والخاصة بدفاع حزب العمل والمهندس إبراهيم شكري رئيس الحزب أمام هيئة
مفوضي الدولة ضد السيد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيسا للجنة الأحزاب السياسية إلى
المراحل القانونية للنزاع بين حزب العمل ولجنة شئون الأحزاب السياسية أمام محكمة
القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا والأحكام الصادرة في الإشكالات القانونية
التي استهدفت وقف تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح الحزب. وذلك على النحو التالي:
• في يوم 17 مايو 2000 زعمت الصحف القومية
أنه حدث انشقاق سريع داخل حزب العمل مساء يوم 16 مايو وأن شخصين نصب كل منهما نفسه رئيسا للحزب وخلعا
الرئيس الشرعي والفعلي لحزب العمل المهندس إبراهيم شكري.
• وفى يوم 20 مايو 2000 سلم حزب العمل إلى
لجنة شئون الأحزاب المذكرة الموقعة من المهندس إبراهيم شكري رئيس الحزب والذي
ضمنها أن السيد حمدي أحمد مفصول من عضوية الحزب بقرار من اللجنة التنفيذية طبقا
لما ينص عليه النظام الداخلي للحزب في اجتماعها المنعقد
في 8/10/ 1999 وقد كان سيادته عضوا بتلك اللجنة المنتخبة من المؤتمر العام السابع
للحزب وأن السيد أحمد إدريس لم يكن يوما ما عضوا في حزب العمل كما ورد بالمذكرة
انتخاب الأستاذ إبراهيم شكري رئيسا للحزب بالتزكية من المؤتمر العام السابع للحزب
الذي عقد يومي 15و 16/4/9991 وأن لجنة شئون الأحزاب قد أبلغت في حينه بنتائج
انتخابات المؤتمر وقراراته .. وقد اختتم الحزب مذكرته بالآتي: " كما نؤكد أن
ما يدعيه كل من السيد / حمدي أحمد والسيد/ أحمد إدريس لا يعبر إلا عن مؤامرة لضرب
حزب العمل وقياداته الشرعية المنتخبة بطريقة ديمقراطية من المؤتمر العام الشرعي - السابع للحزب. قد
قررنا إخطاركم بهذه الوقائع كي نضع سيادتكم أمام مسئولياتكم القانونية واحترام
القانون وعدم المساس بالتعددية الحزبية وسوف لا نلتفت إلى قرار يخالف القانون
والعقل والمنطق".
• وعلى الرغم من استلام لجنة الأحزاب
المذكرة المشار إليها إلا أنها أصدرت في ذات اليوم 20 مايو 2000 قرارها الذي تضمن:" وبعد بحث الموضوع على النحو
الثابت بمحضر الجلسة والمداولة قررت اللجنة: عدم الاعتداد بأي من المتنازعين على
رئاسة حزب العمل – المهندس إبراهيم شكري والسيد حمدي أحمد والسيد أحمد إدريس – حتى
يتم حسم النزاع بينهم رضاء أو قضاء مع ما يترتب على ذلك من آثار ومنها وقف إصدار
صحيفة الشعب وغيرها من صحف الحزب خلال فترة النزاع".
• في 21/5/2000 طعن الأستاذ إبراهيم شكري رئيس حزب العمل على هذا القرار وقيد الطعن برقم 8368
لسنة 54 قضائية. كما قدم وكيله طعنا آخر قيد برقم 8687 لسنة
54 ق. وحدد لنظره جلسة الثلاثاء 23/5/ 2000 أمام الدائرة الأولى منازعات أفراد المختصة. وقد تضمن طعنه أنه
ليس للجنة شئون الأحزاب ولاية أو الحق في إقرار أو إنكار رئاسة الحزب الذي انتخبته
جمعيته العمومية (مؤتمره العام) رئيسا له ولا في عزله ولا في الاعتداد أو عدم
الاعتداد به.
وقد أقيم الطعن على
صدور القرار الطعين مخالفا نصوص الدستور والقانون،معيبا
بعيب عدم الاختصاص، مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة وذلك على النحو التالي:
أولا: مخالفة القرار الطعين نصوص الدستور والقانون.
فيما يتعلق بشق القرار الأول المتضمن "بعدم
الاعتداد بأي من المتنازعين على رئاسة حزب العمل
خلصت
المذكرة إلى أنه مما سلف بيانه جميعا يتبين أن لجنة شؤون الأحزاب قد خالفت بقرارها
النصوص الدستورية والقانونية واجبة الأعمال في المنازعة الماثلة وأصدرت قرارا بعدم
الاعتداد برئيس حزب العمل وهو ما لم يعطه لها القانون سواء بالإيجاب أم السلب
وسواء بالاعتداد برئيس الحزب أم بعدم الاعتداد به.
وقد خالف
القرار الطعين بهذا القواعد القانونية واجبة الإتباع
بما يوجب وقف تنفيذه وإلغاءه. وقد قضت المحكمة الإدارية العليا
بأن "القانون لا يكون غير دستوري إلا إذا خالف نصا دستوريا قائما أو خرج على
روحه ومقتضاه، ومرد ذلك إلى أن الدستور هو القانون الأعلى – فيما يقرره- لا يجوز
أن تهدره أي أداة أدنى،
لما كان
ذلك وكان القرار الطعين قد خالف الدستور وخالف قانون
الأحزاب فإنه يكون حفيا بالإلغاء لهذا العيب وحده لو انفرد.
فيما يتعلق بالشق الثاني من القرار في بنده أولا:
بوقف إصدار صحيفة الشعب.
تنص المادة 48 من الدستور على أن "حرية الصحافة والطباعة
والنشر ووسائل الأعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة ووقفها أو إلغاؤها
بالطريق الإداري محظور. ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على
الصحف والمطبوعات ووسائل الأعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة
أو أغراض الأمن القومي وذلك وفقا للقانون.
وتنص المادة (17)
من القانون رقم (40) لسنة 1977 على أنه يجوز لرئيس لجنة الأحزاب السياسية – بعد
موافقتها- أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشــكيلها المنصوص عليه في المـادة
(8) الحكم بصفة مستعجلة بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه
الأموال وذلك إذا ثبت من تقرير المدعى العام الاشتراكي بعد التحقيق الذي يجريه
تخلف أو زوال أي شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون.
ويجوز
للجنة شؤون الأحزاب السياسية لمقتضيات المصلحة القومية وقف إصدار صحف الحزب أو
نشاطه أو أي قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب وذلك في الحالة المبينة في الفقرة
الأولى من هذه المادة.
مما سلف يتبين أن الدستور قد حظر وقف الصحف إلا
في حالات استثنائية، وقد قرر القانون هذه الحالات، ورسم لها طريقا أوجب اتباعه وهو أن يطلب ذلك رئيس لجنة شؤون الأحزاب من المحكمة
الإدارية العليا، وذلك بعد ثبوت مخالفة يرتكبها الحزب، وتثبت من تقرير المدعى
العام الاشتراكي، وهو ما لم يحدث حتى الآن!
وإذا كان
الشرطان الواردان في الفقرة الأولى من المادة (17) من قانون الأحزاب غير متوافرين
فان قرار وقف الصحيفة يكون قد جاء باطلا لمخالفته للقانون مما يوجب إلغاءه.
ثانيا: عيب عدم
الاختصاص:
نص القرار الطعين في بنده أولا على "عدم الاعتداد بأي من
المتنازعين على رئاسة حزب العمل وهو أمر لا تختص به لجنة شؤون الأحزاب ولا ولاية
لها طبقا لما سلف بيانه من نصوص قانونية من القانون رقم (40) لسنة 1977. ولا ولاية للجنة شؤون الأحزاب إلا فيما قرره
القانون بالمادتين (16) و(17) من القانون ذاته
وعلى ذلك
فقد صدر القرار المطعون فيه من لجنة شؤون الأحزاب وهى لا تملك سلطة إصداره، وتكون
متجاوزة بذلك ولايتها حين فصلت في مسألة من المسائل التي يتولاها الحزب ذاته وفقا
للائحة نظامه الداخلي ولما قرره القانون في هذا الشأن.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه "إذا
فقد القرار الإداري أحد أركانه الأساسية فانه يعتبر معيبا بخلل جسيم ينزل به إلى
حد الانعدام، والاتفاق منعقد على أنه سواء اعتبر الاختصاص أحد أركان القرار
الإداري أم أحد مقومات الإرادة التي هي ركن من أركانه، فان صدور القرار الإداري من
جهة غير منوط بها إصداره قانونا يعيبه بعيب جسيم ينحدر
به إلى حد العدم طالما كان في ذلك افتئات على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة".(حكم المحكمة الإدارية العليا، في 29/11/1969).
ثالثا: القرار الطعين صدر معيبا بالانحراف بالسلطة وانعدام ركن السبب
• وبتاريخ 25/7/2000 أصدرت الدائرة الأولى
بمحكمة القضاء الإداري حكمها في الدعويين 8368 و8687 لسنة 54ق بقبول الدعويين شكلا
وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمن من عدم الاعتداد بأي من المتنازعين حول
رئاسة حزب العمل الاشتراكي ووقف إصدار صحيفة الشعب وغيرها من صحف الحزب وما يترتب
على ذلك من آثار ألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب. وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته
وبغير إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة
لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضعها. (راجع المستند رقم "1" بحافظة
مستنداتنا رقم " ")
• ولقد استندت محكمة القضاء الإداري في
حكمها الصادر بجلسة 25/7/ 2000 إلى صحيح القانون وضمنت أسباب الحكم أن لجنة شئون
الأحزاب السياسية – ويحسب تكييفها الذي استقرت عليه المحكمة الإدارية العليا
باعتبارها لجنة إدارية – قد أنشأها الشرع وحدد نطاق
اختصاصها في حدود الأصل المستمد من أحكام الدستور وهو حرية تكوين الأحزاب السياسية
والأمر الذي مؤداه وجوب التزام هذه اللجنة بممارسة عملها في نطاق الاختصاص المحدد
لها والمبينة بنوده حصرا في ذاك القانون وأن منتهى اختصاص رئيس اللجنة باعتباره
ممثلا للجنة هو تلقى ما هو منصوص عليه في القانون من إخطارات، وعرض ما يكون منها
لازما عرضه على اللجنة لاتخاذ تصرف قانوني بشأنها، وطلب اتخاذ إجراء بشأن حزب من
الأحزاب قضائيا، وانعطافا إلى ما سلف ذكره ينأى اختصاص اللجنة عن الاستطالة إلى
اتخاذ تصرف معين بشأن تلك الإخطارات ومن ثم فان مارست اللجنة دورا في شأن
الإخطارات المتعلقة بهذه القرارات، تكون قد جاوزت اختصاصها من جانب، وتدخلت تدخلا
غير مشروع دستوريا وقانونا في شئون الأحزاب من جانب آخر.
• وحين تحقق للجنة
شئون الأحزاب السياسية أن قرارها الصادر في 20/5/2000 سيصدر الحكم بوقف تنفيذه لا
محالة بجلسة 25/7/2000 بعد أن استنفدت اللجنة المذكورة دفاعها في الدعوى. سارعت إلى عقد اجتماع عاجل وطارئ في يوم 24/7/2000 أصدرت فيه
قرارا آخر متضمنا وقف إصدار صحف الحزب ووقف نشاطه.
وقد نص قرار لجنة شئون الأحزاب الصادر في 24/7/2000
– وهو موضوع الطعن رقم 9777 لسنة 46ق عليا الماثل- فقد قررت لجنة شئون الأحزاب في
اجتماعها يوم 24/7/2000 وبعد بحث الموضوع والمداولة، الآتي:
أولا: الموافقة على
التقدم إلى المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) من قانون
الأحزاب السياسية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بحل حزب العمل الاشتراكي وتصفية أمواله
وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال.
ثانيا وقف إصدار صحف
الحزب ونشاطه.
ثالثا: إبلاغ النيابة العامة بصورة من تقرير
المدعى الاشتراكي لإجراء شئونها فيما أسفر عنه من وقائع معاقب عليها جنائيا.
• وبتاريخ 2/8/2000
أقام المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل طعنا أمام محكمة القضاء الإداري برقم 11525
لسنة 54ق طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية
الصادرة بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان.
• وبتاريخ 9/9/2000
أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الطعن رقم 11525 لسنة 54ق بالآتي: حكمت
المحكمة:
أولا: برفض الدفع
بعدم اختصاصها بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف
صحف حزب العمل الاشتراكي، وبقبول هذا الطلب شكلا، وبوقف تنفيذ هذا الشق من القرار
وما يترتب على ذلك من آثار. ألزمت جهة الإدارة مصروفات
هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وبإحالة هذا الشق من الدعوى إلى
هيئة مفوضي الدولة لتحضيره العداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعه.
ثانيا: بعدم اختصاصها
بنظر طلب وقف وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف نشاط الحزب، وأمرت
بإحالة هذا الشق من الدعوى إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها
المنصوص عليه في المادة رقم "8" من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص
بنظام الأحزاب السياسية وأبقت الفصل في مصروفاته.
وقد استند هذا الحكم
إلى أسباب قانونية، نجد من واجبنا أن تورد بعضها لما له من ارتباط بدفاعها في
الطعن الماثل – رقم 19777 لسنة 46ق عليا- كما أنه قد فصل في شق مما هو معروض على
محكمة الأحزاب في هذا الطعن ووصف القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في 24/7/2000
بأنه "بشأن قرارها يكون هو العدم سواء".
ومن المعلوم للكافة
أن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري لها حجية مطلقة واجب إجراء مقتضاها – إزاء
الكافة وإزاء محكمة الأحزاب ونجتزأ من أسباب الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9/9/2000 ما يلي:
• ومن حيث انه اقتناء لأثر ما سلف ذكره، فان
لا مناص من تقريره أن قانون تنظيم الصحافة المشار إليه قد أضحى هو التشريع الخاص
بتنظيم شئونها، أيا ما كان مالك الصحيفة أو مصدرها، الأمر الذي يعنى أن سائر ما
يصدر من صحف بغض الطرف عن مصدرها أو مالكها يجب أن يستظل بمظلة هذا القانون
التزاما بأحكامه، وتمتعا بحمايته، ومنازلة في ساحته
• ولما كان البادي من ظاهر أوراق الدعوى
بغير مساس لأصل طلب إلغاء القرار المطعون فيه في شقه الخاص بوقف إصدار صحف حزب
العمل الاشتراكي – أنه بعد أن انتهى المدعى العام الاشتراكي من وضع تقريره حول ما
نسب للحزب والذي يمثله المدعى من مخالفات بالبلاغ رقم 79 لسنة 2000، عرض هذا
التقرير على لجنة شئون الأحزاب السياسية، فأصدرت قرارا بتاريخ 24/7/2000 متضمنا
وقف إصدار صحف الحزب وحيث أن اللجنة تنكبت بذلك الصراط القويم والسبيل المستقيم
باعتداء صارخ على حرية من الحريات العامة المقررة دستوريا، فان قرارها يكون هو
والعدم سواء، الأمر الذي يتوافر – معه- ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه في الشق الماثل من الدعوى.
• وبجلسة 23/9/2000 أصدرت المحكمة الإدارية
العليا كلها بإجماع الآراء في الطعن المقدم من رئيس مجلس الشورى بصفته رئيسا للجنة
شئون الأحزاب السياسية ضد المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل والمقيد تحت رقم 11604
لسنة 46ق عليا يرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى رقم 1525
لسنة 54ق بجلسة 9/9/2000 لصالح المهندس إبراهيم محمود شكري رئيس حزب العمل بصفته.
وبتاريخ 21/9/2000 أقام المهندس إبراهيم محمود شكري
بصفته رئيسا لحزب العمل الطعن رقم 12081 لسنة 46ق عليا ضد السيد رئيس مجلس الشورى
بصفته رئيسا للجنة شئون الأحزاب السياسية. طعنا على
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد بجلسة 9/9/2000 في
الدعوى رقم 11525 لسنة 54ق. فيما قضى به من عدم اختصاصها
وقد أقام الطاعن طعنه على سببين:
السبب الأول: سقوط
قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 بعد تعديل الدستور لصدوره في وقت كانت
النصوص الدستورية القائمة تكرس التنظيم السياسي الواحد (الاتحاد الاشتراكي العربي)
ولم يكن متصورا دستوريا أو سياسيا أن ينطلق قانون يسعى إلى إيجاد التعددية الحزبية
في ظل نصوص دستورية مقيدة ومكبلة بأغلال الواحدية
الحزبية.
السبب الثاني: عدم دستورية قانون الأحزاب السياسية
لتعارض نصوصه مع النصوص الدستورية أرقام 40 و41و47و48و54و55 و57و63و65و68 و 165و168و208.
وهذا الطعن مازال
منظورا أمام المحكمة الإدارية العليا.
• وبتاريخ 18/1/2000 قضت محكمة القاهرة
للأمور المستعجلة في الإشكالات المقامة من رئيس مجلس الشورى بصفته في الأحكام
الصادرة لصالح المهندس إبراهيم محمود شكري
بصفته رئيسا لحزب العمل بعدم الاختصاص ولائيا
بنظر الدعاوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري. وإمعانا
في الخصومة وإهدارا لحجية الأحكام الواجبة التنفيذ واعتداء من السلطة التنفيذية
على السلطة القضائية – طعن رئيس مجلس الشورى بصفته على الأحكام الصادرة في
الإشكالات المقامة منه أمام محكمة غير مخصصة. ونظرت الطعون أمام محكمة القاهرة
للأمور المستعجلة- الدائرة الاستئنافية- التي أيدت
الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة.
• وبتمام الإحالة
من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الإداري تحت
رقم 3266 لسنة 55ق. وقضى فيها بجلسة 20/3/2001 برفض الأشكال وبتقديم المستشكل
بصفته مبلغ أربعمائة جنيه وألزمته المصروفات وقد نص الحكم في أسبابه على أنه كان
على هيئة قضايا الدولة عن ولوج طريق لتحقيق غايات القانون منها براء أو اتخاذ
إجراءات تكون بذاتها مساسا بحجبه الأحكام السامقة منزلة ، العالية مكانة ، كتعمد
إقامة إشكاليات تنفيذ من الأحكام أمام محكمة غير مختصة ولائيا
بنظرها وفقا لقضاء مستقر لا معدي عن الالتزام به مؤكد بقضاء دستوري مشمول بصفة
الإلزام تطبيقيا.
• ورغم استنفاد كل
الوسائل القانونية المشروعة وغير المشروعة من جانب رئيس مجلس الشورى بصفته وعقب
صدور حكم محكمة القضاء الإداري بجلسة 20/3/2001 برفض الإشكال المقدم من رئيس مجلس
الشورى وإلزامه بأقصى غرامة منصوص عليها في القانون. فقد
تعمد الأخير إصدار قرار مساء نفس يوم 20/3/2001 بعد علمه بالحكم نص على:
"تنفيذا للحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 11535 لسنة 54ق بوقف تنفيذ قرار
لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر في 24/7/2000 فيما تضمنه من وقف إصدار صحف حزب
العمل الاشتراكي، بكون للحزب أن يصدر صحفه عند عودته لممارسة نشاطه الموقوف حاليا
بموجب قرار من اللجنة مازال منتجا لآثاره ومازال الطعن عليه منظورا أمام المحكمة
الإدارية العليا" والقرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 24/7/2000
بالنسبة لصحف الحزب باطل قانونا وقد وصفه حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 20/3/2001
بأنه يهوى في حمأة الانعدام على نحو يجعله والعدم سواء،
ويضحى مجرد عقبة مادية وضعته في سبيل تنفيذ هذا الحكم ممن صدر ضده والمنوط به
النهوض بتنفيذه.
وقد تضمن حكم محكمة
القضاء الإداري الصادر في 9/9/2000 في الدعوى رقم 11525 لسنة 54 ق والمؤيد من
المحكمة الإدارية العليا بجلسة 23/9/2000 بإجماع الآراء يرفض طلب وقف تنفيذ الحكم
المطعون عليه.
وبذلك فقد تعمدت لجنة
شئون الأحزاب السياسية أن تصدر قرارها بدون استحياء مشيرة إلى حكم من محكمة القضاء
الإداري مؤيد بحكم من المحكمة الإدارية العليا في تحد سافر وإهدار علني لأحكام
المحكمة الإدارية العليا التي تلجأ إليها للنظر في قرار أصدرته على خلاف أحكام
مجلس الدولة واجبة التنفيذ واللجنة لابد أن تعلم أو بعلم مستشاري السوء اللذين
تسخرهم السلطة لخدمة أغراضها – غير المشروعة- أن مجلس الدولة وحده وفقا للقانون
رقم 47 لسنة 1972 هو القاضي الطبيعي للمنازعة الإدارية "وأن القانون قد أسبغ
على أحكام محكمة القضاء الإداري بعبارات صلبة المعنى صريحة الدلالة قوة الشيء
المحكوم فيه بما يقضيه ذلك من تطبيق القواعد الخاصة بالحجية التي لا تنفك عن الحكم
بحال وأوجب تنفيذ هذه الأحكام رغم الطعن عليها، وقرر صراحة ووضوح أنه لا يترتب على
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم تقضى دائرة
فحص الطعون بهذه المحكمة بوقف تنفيذه إذا طلب منها ذلك".
• ولقد أقام المهندس إبراهيم محمود شكري
رئيس حزب العمل الطعن رقم 5187 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري طعنا على القرار
الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 20/3/2001 موضحا أن هذا القرار هو
قرار إداري وأن ما تستند هيئة قضايا الدولة بشأنه من دفاع يزعم أنه ليس قرارا
إداريا لا يستند على صحيح القانون وأن أي تشكيك في طبيعة هذا القرار لا يجدي
• التعريف المستقر عليه فقها وقضاء للقرار
الإداري (مع بعض اختلافات لفظية هنا أو هناك) أنه "إفصاح الإدارة عن إرادتها
الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني
معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا وكان الباعث عليه تحقيق مصلحة عامة" {المحكمة
الإدارية العليا، الطعن رقم 3413 لسنة 33ق عليا، جلسة 26/11/1988، مجموعة مبادئ
أحكام المحكمة الإدارية العليا لسنة34، ص 189، والطعن رقم 674 لسنة 12ق عليا، جلسة
2/9/1976، مجموعة مبادئ الخمسة عشر عاما الجزء الثالث، ص 2019}. وطالما كان جوهر
القرار هو التعبير أو الإفصاح عن الإرادة، وطالما لم يقيده المشرع بشكل معين أو
بصيغة محددة, فان وجوده يتحقق سواء كان مكتوبا أو شفهيا أو حتى مجرد اتخاذ موقف أو
سلوك معين أظهر وأورى نية الإدارة في اتجاه معين وهى بصدد ممارسة إحدى وظائفها
الإدارية. بعبارة أخرى أن عدم اشتراط شكل محدد للقرار يفسح
المجال لاستظهار وجوده من عناصر كثيرة تعود إلى فطنة المحكمة وحصافتها في القدرة
على إعمال هذا الاستظهار.
• بتاريخ 1/8/2000 أودع المستشار رفيق عمر
شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا الطعن المقيد
تحت رقم 9777 لسنة 46ق عليا نائبا عن رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شئون
الأحزاب السياسية ضد السيد رئيس حزب العمل الاشتراكي ويعلن بمقر الحزب الرئيسي
وآخرين بزعم أنهم متنازعون على رئاسة حزب العمل الاشتراكي. وبتاريخ 7/8/2000 وقد
طلب في ختام طعنه تحديد جلسة لنظر هذا الطلب وفقا للإجراءات المنصوص عليها
بالقانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية والحكم بصفة مستعجلة بحل حزب
العمل الاشتراكي وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال وهو في
هذا الطعن لم يتعرض لقرار لجنة الأحزاب الصادر في 24/7/2000 – والتي أقام الطعن
رقم 9777 لسنة 46ق عليا تنفيذا له فيما يتعلق بـ "ثانيا:
وقف إصدار صحف الحزب.." وأن كان قد أصدر قرارا ثالثا بتاريخ 20/3/2001 ذكر
فيه: ".. يكون للحزب أن يصدر صحفه عند عودته لممارسة نشاطه الموقوف حاليا
بموجب قرار من اللجنة – في 24/7/2000 – مازال منتجا لآثاره ومازال الطعن عليه
منظورا أمام المحكمة الإدارية العليا". والقرار الأخير تحدت فيه لجنة شئون
الأحزاب السياسية كما أوضحنا أحكام محكمة القضاء الإداري الصادرة في 24/7/2000 و9/9/2000
و3/10/2000 و20/3/2001 وكذلك حكم المحكمة الإدارية العليا بإجماع الآراء في 23/9/2000.
• وقد استند رئيس لجنة شئون الأحزاب
السياسية في طعنه الماثل رقم 9777 لسنة 46ق عليا وفق ما هو ثابت بصفحة 14 من الطعن
المقدم منه إلى ما أورده " وتستند
لجنة شئون الأحزاب في طلبها المعروض إلى ما كشفت عنه التحقيقات من ارتباط حزب
العمل الاشتراكي بجماعة الإخوان المسلمين المحظور نشاطها... ويشير الطلب أيضا إلى
ما ثبت بالتقارير المقدمة والتحقيقات التى أجراها جهاز
المدعى العام الاشتراكي
• ولقد قدم رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية
لطعنه بأن نزاعا على رئاسة حزب العمل قد نشأ بين المقدم ضدهم الثاني والثالث
والرابع وقد تجاهل مقدم الطعن أن هذه المقدمة قد حسمها حكم محكمة القضاء الإداري
في 25/7/2000 في الطعنين 8368 و8687 لسنة 54ق.
------------
* ورقة مقدمة الي
المؤتمر العام الأول للحريات" الثاني للعدالة " الذي نظمته لجنة الحريات
بنقابة المحامين – مصر