عمرو موسى وحماس والمبادرة
العربية
بقلم :منير شفيق
كثير
من لا يستطيعون أن يتفهموا لماذا يصر عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية في لقائه
مع وزير خارجية السلطة الفلسطينية محمود الزهار على
ضرورة اعتراف حماس بالمبادرة العربية والانضمام إليها، «كان يجب أن توضع عبارة
وزير خارجية بين مزدوجين لعدم وجود «وزارة خارجية» أو حاجة إليها فقد وجدت لإلغاء
دور م.ت.ف».
والسبب
أو الأسباب التي تسمح بتفهم هذا الإصرار يرجع إلى أن عمر المبادرة العربية التي
كانت السلطة الفلسطينية السابقة قد اعترفت بها تجاوز
الثلاث سنوات ولم تفعل شيئاً ولم تفعّل إطلاقاً، وما كان منها إلا تقديم تنازل
عربي مجاني بالاستعداد للاعتراف بالدولة العبرية، إذا ما نفذت المطالب المتعلقة
بقيام الدولة الفلسطينية وبالانسحابات.
صحيح أن الاعتراف هنا وعد مشروط بتنفيذ ما لا تريد الدولة العبرية تنفيذه،
لكنه من ناحية قانونية «وجهة نظر القانون الدولي» يحمل «إيحاء» بالاعتراف وهو ما
لا يمكن التراجع عنه. وما دام كذلك، وما دام لم يثبت في
التجربة العملية فاعليته، ولم يحقق هدفاً واحداً من أهدافه التي تغطّى بها تسويفاً لتبنيه. فما الفائدة؟
أفلم يحتج بأن هذه المبادرة ستحرج شارون وتوقع بينه وبين المجتمع الدولي،
والمقصود بالطبع الإدارة الأمريكية لأن كل الرهان عليها؟ فأين
ذلك الإحراج وأين موقف الإدارة الأمريكية؟
الذي حدث كان مختلفاً جداً؛ فمن جهة استغل شارون صدور المبادرة التي اعتبرت
أمريكية، خطوة في الاتجاه الصحيح، لشن الهجوم على مخيم جنين. وبدأ بإعادة احتلال
مناطق «أ» والكل يعرف ماذا حدث بعد ذلك. أما إدارة بوش
فقد ازدادت تماهياً مع السياسات الإسرائيلية وضاعفت
ضغوطها على الدول العربية لتبدأ بالتطبيع والاعتراف وعدم انتظار «الحل النهائي».. أي
كانت المبادرة مدعاة لمزيد من الضغوط والإحراجات للموقف
العربي والعذابات للشعب الفلسطيني.
الأمر
الذي يسمح بالقول أن انجرار حماس أو السلطة الحالية، لا سمح الله، للاستجابة لمطلب
الجامعةالعربية سيتبعه فوراً المزيد من الضغوط
والاعتداءات والعذابات، لأن العقل الإسرائيلي ومعه الأمريكي وسيتبعه بعض الأوروبي
سيفهم أن انضمام حماس إلى المبادرة العربية التي عملياً، ليست بحاجة إلى حماس ولا
حماس بحاجة إليها، جاء نتيجة الضغوط ومن ثم فإن الضغوط مجدية فلماذا لا تضاعف،
وهذه تجربة مكررة عشرات المرات في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني والعربي
الإسرائيلي؟
فبدلاً
من أن يقول السيد عمرو موسى لمحمود الزهار تعلموا من
تجربتنا ولا ترتكبوا أخطاءنا، قال له خذوا خطوة باتجاه تكرار تجربتنا وتعزيز
أخطائنا.
والسؤال هل يستطيع أحد أن يقول إن انضمام حماس إلى المبادرة
العربية سيزيل شبراً من الجدار أو يفك المستوطنات أو يستعيد القدس أو يأخذ حتى
وعداً إسرائيلياً أو أمريكياً بذلك؟ أم أن المطلوب هواتباع
ذلك البيت من الشعر للشاعر «إلياس أبو شبكة» الذي يقول فيه «أطفئ ضياك وأظلم مثل إظلامي.. وخلّني في
كوابيسي وأحلامي».